الاثنين، 14 نوفمبر 2016

حقيقة الدنيا وقت قصير مفعم بالمتاعب - قصة قصيره




أمران يشغلان بال الخلق في هذه الدنيا

وقد سيطر على عقولهم وعطلوا من أجله ما كُلفوا به

وهو الرزق والأجل

والدنيا دار مشقه وتعب وهم وغم

والسعيد من جعل لأخرته الهم الاكبر

وقد وصف الله سبحانه وتعالى الحياة الدنيا
 بأنها ذات عمر قصير ومتاع قليل

 قال تعالى:

﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ﴾ ( سورة الروم: 55)

فيا عبدالله أيعقل أن تضحي بالأبد من أجل عمر قصير مفعم بالمتاعب؟!


وقد قيل في المثل:

إن الدنيا مثل ظلّ الإنسان إن طلبته فَرَّ منك وإن تركته تبعك
اذ الظل تحسب له حقيقة ثابتة وهو في تقلص وانقباض فتتبعه لتدركه فلا تلحقه

والدنيا يؤتيها الله عز وجل من يحب ومن لا يحب

وهي عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر

والدنيا من الأخرة تشبه السراب

قال تعالى:

( يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً )

وقال الشاعر:

انما الدنيا سراب *** هي دار فناء لا بقاء

السؤال ما حقيقة هذه الحياة الدنيا ؟

وما حقيقة الحياة الآخرة ؟

وللإجابة على هذا السؤال يكون بهذا المثال

الذي اشبهه الحياة الدنيا والاخرة بهذه القصة :

اذ أن نفر رَكِبَوا في سَفِينَةٍ في البحر ليقطعوه متجهين إلى الساحل الاخر

الذي فيه مقر أوطانهم ومقرهم الدائم

ولا بُدّ للخلقِ مِن ركوب هذا البحر

وبينما كانت السَفِينَة تبحر في صباحً يوم هادئ وسط امواج ساكنة

فجأة هبت عاصفة شديدة ورياح نشطة قوية

صاحبها أمطار رعدية غزيرة

فثار البحر وزمجر وتعالت اصوات امواجه

وتلاطمت جوانب السَفِينَة بتلك الأمواج وتمزقت اشرع السفينة

وأصوات صرير الالواح يعلوا مع تلاطم الامواج بعضها ببعض

محدثاً أصوات قوية كالرعد في السماء لكنه في البحر

ودفعت الرياح والأمطار السَّفِينَةِ في كل اتجاه

وتلاعبت بهم الامواج تسبح بهم يمنة ويسرة

فمرة تعلوا بهم ومرة تهبط

وهم في عرض البحر لا يرون سوى السماء فوقهم والماء أسفل منهم

وقد اشرفا على الهلاك وبلغ بهم الكرب والشدة مبلغه

وهرع كل واحد منهم يغطي راسة ويخبئه في ظهر السفينة

وتعالت اصواتهم بالتضرع والتوسل إلى الله والالتجاء إلى رحمته

وبينما هم يصارعون هول تلك الامواج ولسان حالهم يلهج بذكر الله

مرددين يا كريم يا كريم اللهم سلم اللهم سلم

فكتب الله لهم النجاة بعدما َلَعِبَت بِهِمُ الاْمَوْاجُ في الْبَحْرِ

ومن لطف الله بهم ان أَرْفَئُوا(1) إِلَى جَزِيرَةٍ في وسط الْبَحْرِ

فقال لهم قبطان السَّفِينَةِ سوف نصلح ما عطل في السفينة

ثم نغادرها عندما تهدأ الامواج

الى مبتغانا ونبحر من جديد ونواصل المسير قبل المَغْيبِ

فأمرهم الملّاحُ بالنزول لقضاءِ الحاجةِ وَحَذَّرَهم الإبطاء

وَخَوفهم فوات السفينة عنهم ان هم تأخروا

فَتَفَرّقوا في نواحي الجزيرة

فلما اصلح القبطان السفينة وما اصابها من عطل

أذن مؤذن ان استعدوا للرحيل واصعدوا السفينة

فكانوا على ثلاث فئات

الفئة الاولى:

جَلَسُوا بالقرب من السَّفِينَةِ فقالوا:

لا حاجة لنا بتلك الجزيرة فقد استعدينا للرحلة بالزاد من قبل

فزهدوا في كل ما فيها منتظرين اشارة القبطان لهم

بالصعود للسفينة لمواصلة المسير في شوقً لديارهم الاصل

وبعد هدوء الامواج وإصلاح ما عطل في السفينة

عندها اذن مؤذن ان اصعدوا للسفينة فقد حان موعد الرحيل

فركبت الجماعة الاولى السفينة وصعدوا اولاً

حيث كانوا قريبين من السفينة فصادَفَوا المكان خالياً

فأخَذَوا أوسعَ الأماكنِ وألينَها وأوفَقَها لمُرادهم

واختاروا احسنها

بعدما اخذوا من تلك الجزيرة ما خف وزنه وطاب طعمه

وسهل حمله من خيرات تلك الجزيرة للتقوي بها أثناء الرحلة

اما الفئة الثانية :

نزلوا من السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا في تلك الْجَزِيرَةَ

لقضاء حوائجهم فأكلوا وشربوا واستمتعوا بكل ما فيها من ملذات

ينظرون إلى أزهارها الجميلة ويأكلوا من ثمارها اللذيذة 

ومياهها الرقراقة العجيبة

ووقف بعضهم ينظر إلى أزهارها وثمارها

ويسمع نغمات طيورها ويعجبه حسن شكل أحجارها

وأصوات طيورها المغردة وجمال اشجارها المثمرة

ثم حدثتهم أنفسهم بفوت السفينة وسرعة مرورها وخَطَر ذهاب السفينة عنهم

وأكبَّوا على تلك الحجارةِ المستحسنةِ والأزهار الفائِقَةِ فجعلوا منها حمله

فلما جاءوا لم يجدوا في السفينة إلا مكاناً ضيقاً

فصارَ محملهم ثِقْلاً عليهم و وبالاً

ولم يَقْدِروا على نبْذِه بل لم يَجدِوا من حملِه بُدًّا 

ولم يَجدوا له في السّفينَةِ موضِعاً
فحملوه على أعناقهم ونَدِموا على أَخْذِه فلم تَنْفَعْهم النّدامَةُ

فذَبلت الأزهارُ وتغيرت رائحتها وآذاهم نَتَنُها

ولم يُصادِفوا إلا مكاناً ضَيِّقاً فَجَلسوا فيه


اما الفئة الثالثة

تَوَلَّجوا في تلك الغياض ونسوا السَّفينَة وأبعدوا في نُزهَتِهم

وقالوا سينتظروننا ولن يذهبوا عنا حيث سوفوا

وأخذوا يلهون في تلك الجزيرة ويتمتعون بملذاتها

ولم يبلغهم نداء الملاح عندما نادى بالنّاس عند دَفْع السَّفينة

فلم يبلُغْهم صَوْتُه لاشتغالِهم بملاهيهم وتَوَلَّجهم وسط الجزيرة

فهم تارةً يتناولُون من الثَّمَرِ وتارة يَشُمُّون تلك الأزهار

وتارة يُعْجَبون من حُسنِ الأشجارِ وثمارها

وهم على ذلك خائِفٌين من سَبُع يخرجُ عليهم

وغير مُنفكين  من شوكٍ يتشبث في ثيابهم ويدخلُ في أقَدامهم

أو غُصْن يجرح بدنهم أو عَوْسَجٍ يَخْرِقُ ثيابَهم ويهتكُ عورَتهم

أو صوتٍ هائلٍ يُفْزِعُهم

وقبل الغروب من هؤلاء من لحق السَّفينة

فلما جاءوا الى مرسى السفينة وجدوا السفينة نقطة في البحر

قد ذهبوا عنهم وتركوهم لانهم تأخروا عن المجيئ

فأخذتهم الحسرة والندامة فماتَوا على الساحِل

أما القسم الاخر شغله لهوه عن سبب مجيئه لهذه الجزيرة

اذ سوفوا في القول والعمل

وقال بعضهم لبعض لن تجدوا بأفضل مما انتم فيه يقصدون الجزيرة

عودوا الى ماكنتم عليه فكلوا من خيرات هذه الجزيرة وملذاتها

ولن تجدوا بأفضل منها

وفي المساء كانت الظلمة حالكة وسمعوا الاصوات في كل الاتجاهات تتعالى 

مع حفيف اوراق الشجر

فخرجت الوحوش والافاعي فافترستهم السِّباعُ ونهشتهم الحيّاتُ

ومنهم من تاه فَهامَ على وجهه حتى هَلَك ومات

اما الفئة التي ركبت السفينة اخدوا يرددون في شوق الى ديارهم التي اخرج الشيطان

ابيهم ادم منها قائلين :

يا خاطب الحور الحسان وطالبا (2)*** لوصالهن بجنة الحيوان

لو كنت تدري من خطبت ومن *** طلبــت بذلت ما تحوي من الأثمان

أو كنت تدري أين مسكنها جعلــت *** السعي منك لها على الأجفان

ولقد وصفت طريق مسكنها فان*** رمت الوصال فلا تكن بألواني

أسرع وحدث السير جهدك *** انما مسراك هذا ساعة لزمان

فاعشق وحدّث بالوصال النفس *** وابــذل مهرها ما دمت ذا امكان

واجعل صيامك قبل لقياها ويوم *** الوصل يوم الفطر من رمضان

واجعل نعوت جمالها الحادي وسر*** تلقي المخاوف وهي ذات أمان

 لا يلهينك منزل لعبت به*** أيدي البلا من سالف الأزمان

فقد ترحل عنه كل مسرة*** وتبدلت بالهم والأحزان

سجن يضيق بصاحب الايمان *** لــكن جنّة الماوى لذي الكفران

سكانها أهل الجهالة والبطالة *** والسفاهة أنجس السكان

وألذهم عيشا فأجلهم بحق *** الله ثم حقائق القرآن

عمرت بهم هذي الديار وأقفرت*** منخم ربوع العلم والايمان

قد آثروا الدنيا ولذة عيشها *** الــفاني على الجنات والرضوان

صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم*** ورضوا بكل مذلة وهوان

كدحا وكدا لا يفتر عنهم*** ما فيه من غم ومن أحزان

والله لو شاهدت هاتيك الصدور*** رأيتها كمراجل النيران

ووقودها الشهوات والحسرات *** والآلام لا تخبو مدى الأزمان

أبدانهم أجداث هاتيك النفوس*** اللائي قد قبرت مع الأبدان

أرواحهم في وحشة وجسومهم*** في كدحها لا في رضا الرحمن

هربوا من الرق الذي خلقوا له*** فبلو يرق النفس والشيطان

لا ترض ما اختاروه هم لنفوسهم*** فقد ارتضوا بالذل والحرمان

لو ساوت الدنيا جناح بعوضة*** لم يسق منها الرب ذو الكفران

لكنها والله أحقر عنده*** من ذا الجناح القاصر الطيران

ولقد تولت بعد عن أصحابها*** فالسعد منها حل بالدبران

لا يرتجي منها الوفاء لصبها*** أين الوفا من غادر خوان

طبعت على كدر فكيف ينالها***صفو أهذا قط في الامكان

يا عاشق الدنيا تأهب للذي*** قد ناله العشاق كل زمان

أو ما سمعت بل رأيت مصارع *** الــعشاق من شيب ومن شبان

حقائق غائبة


ان لقطع المسافة لتلك الديار التي هم ذاهبون اليها

مَثلُها مَثَلُ البَحْرِ الذي لا بُدّ للخلقِ كُلِّهم مِن ركوبه ليقطعوه إلى الساحل

الذي فيه دورهم وأوطانهم ومستقرهم

ولا يمكن قَطْعُه إلا في سفينةِ النجاةِ

فأرسلَ الله رسلَه لِتُعرِّفَ الأُمَمَ اتخاذَ سُفِنِ النَّجاةِ وتأمرُهم بِعملِها وركوبها

وهي:

طاعتُه وطاعةُ رسُلِه

وعبادتُه وحده وإخلاصُ العَمَلِ له

والتَّشمير للآخرة وإرادتُها والسَّعيُّ لها

فالسفينة في هذه القصة العمل الصالح وهي قارب النجاة

والجزيرة هي الحياة الدنيا التي اغتر بها من اغتر من اصحاب تلك السفينة

والجهة المقصودة المسافرون أليها هي الجنة دار المستقر

فالحياة معبر وليست مقر وقد شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال :

ما انا والدنيا الا كمن قال تحت شجرة وتركها

والمسافرُ إذا رأى شجرةً في يوم صائفٍ لا يحسن به أن يبني تحتها داراً

ولا يتخذها قراراً  بل يستظِل بها بِقْدرِ الحاجَةِ

أيها الأحبة:

اختاروا لأنفسكم ايهما تكونوا من هؤلاء الثلاثة

وهل فطن القسم الثالث في القصة

العابثون اللاهون اليوم إلى خطورة ما هم فيه من غفلة

فالعمر قصير فلا تقصروه بالغفلة

والسعيدُ من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات

وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات

فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة لا يشقى بعدها ابدا

وإياكم والغفلة وحين ينزل الموت بساحة أحدكم

يستذكر ما فرط في هذه الحياة فتكون حاله كما قال تعالى

(حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا 

كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )


قال ابن الجوزي في صيد الخاطر:

كل من يتلمح العواقب ولا يستعد لما يجوز وقوعه فليس بكامل العقل

واعتبر هذا في جميع الأحوال، مثل أن يغتر بشبابه ويدوم على المعاصي

ويسوف بالتوبة فربما أخذ بغته ولم يبلغ بعض ما أمل 


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه:

 ربما تلبس ساعتك فيخلعها لك وارثها

وربما تغلق باب سيارتك فيفتحه لك عامل الاسعاف

وربما تقوم بغلق زرار القميص فيفتحه لك المغسل

وربما تغلق عينيك في سقف غرفتك فلا تفتحها

الا امام جبار السموات والارض يوم القيامة 


لقد هيأ الله لعباده الصالحين شيئًا لم ترَ العيون مثله 

ولم تسمع الاذان به ولا خطر على قلب بشر

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:


)
 قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت،


ولا خطر على قلب بشر) رواه البخاري 

 اللهم احسن خاتمتنا وتوفنا وانت راض عنا واغفر لنا وتب علينا


وثبتنا على طاعتك واختم لنا برضوانك

1-  أَرْفَئُوا : أي التجأوا
2- القصيدة لابن القيم الجوزية رحمه الله



وصف الجنة التي أعدها الله ذو الفضل والمنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

فاسم اذا أوصافها وصفات *** هاتيك المنازل ربة الاحسان
هي جنة طابت وطاب نعيمها *** فنعيمها باق وليس بفان
دار السلام وجنة المأوى *** ومنــزل عسكر الايمان والقرآن
فالدار دار سلامة وخطابهم*** فيها سلام واسم ذي الغفران

وصف عدد درجات الجنة وما بين كل درجتين

درجاتها مائة وما بين اثنتين *** فذاك في التحقيق للحسبان
مثل الذي بين السماء وبين هذي*** الأرض قول الصاق والبرهان
لكن عاليها هو الفردوس *** مسقوف بعرش الخالق الرحمن
وسط الجنان وعلوها فلذاك *** كانت قبة من أحسن البنيان
منه تفجر سائر الأنهار *** فالينبوع منه نازل بجنان

وصف أبواب الجنة

أبوابها حق ثمانية أتت في النص*** وهي لصاحب الاحسان
باب الجهاد وذاك أعلاها *** وباب الصوم يدعى الباب بالريان
ولكل سعي صالح باب *** ورب السعي منه داخل بأمان
ولسوف يدعى المرء من أبوابها*** جميعا إذا وفى حلى الايمان
منهم أبو بكر الصديق *** ذاك خليفة المبعوث بالقرآن


وصف مقدار ما بين الباب والباب منه
سبعون عاما بين كل اثنين *** منها قدّرت بالعد والحسبان 
هذا حديث لقيط المعروف *** بالخبر الطويل وذا عظيم الشأن
وعليه كل جلالة ومهابة  *** ولكم حواه بعد من عرفان

وصف مقدار ما بين مصراعي الباب

لكن بينهما مسيرة أربعين *** رواه حبر الامة الشيباني
في مسند بالرفع وهو لمسلم*** وقف كمرفوع بوجه ثان
ولقد روى تقديره بثلاثة الأيام*** لكن عند ذي العرفان
أعني البخاري الرضي وهو ***منكر وحديث رواية ذو نكران

وصف مفتاح باب الجنة

هذا وفتح الباب ليس بممكن*** الا بمفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الإخلاص *** والتوحيد تلك شهادة الايمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع *** الإسلام والمفتاح بالأسنان
لا تلغين هذا المثال فكم به *** من حل أشكال لذي العرفان


وصف منشور الجنة الذي يوقع به لصاحبها 

هذا ومن يدخل فليس بداخل*** الا بتوقيع من الرحمن
وكذاك يكتب للفتى لدخوله*** من قبل توقيع المشهوران
إحداهما بعد الممات وعرض *** أراح العباد به على الديان
فيقول رب العرش جل جلا له *** للكاتبين وهم أولو الديوان
ذا الاسم في الديوان يكتب ذاك *** ديوان الجنان مجاور المنان
ديوان عليين أصحاب القرآن *** وسنة المبعوث بالقرآن
فإذا انتهى للجسر يوم الحشر*** يعطى للدخول اذا كتاب ثان
عنوانه هذا الكتاب من *** عزيـز راحم لفلان ابن فلان
فدعوه يدخل جنة المأوى التي*** ارتفعت ولكن لقطوف دوان
هذا وقد كتب اسمه مذ كان في *** الأرحام قبل ولادة الانسان
بل قبل ذلك هو وقت القبضتين *** كلاهما للعدل والاحسان
سبحان ذي الجبروت والملكوت ***والـ إجلال والاكرام والسبحان
والله أكبر عالم الأسرار *** والإعلان واللحظات بالأجفان
والحمد لله السميع لسائر *** الأصوات من سر ومن إعلان
وهو الموحد والمسبح والممجد *** والحميد ومنزل القرآن
والأمر من قبل ومن بعد له *** سبحانك اللهم ذا السلطان

وصف صفوف أهل الجنة

هذا وان صفوفهم عشرون مع *** مائة وهذي الأمة الثلثان
يرويه عنه بريدة إسناده *** شرط الصحيح بمسند الشيباني
وله شواهد من حديث أبي هريرة *** وابن مسعود وحبر زمان
أعني ابن عباس وفي إسناده *** رجل ضعيف غير ذي اتقان
ولقد أتانا في الصحيح بأنهم *** شطر وما اللفظان مختلفان
إذ قال أرجو تكونوا شطرهم*** هذا رجاء منه للرحمن
أعطاه رب العرش ما يرجو *** وزاد من العطاء فعال ذي الاحسان

وصف أول زمرة تدخل الجنة

هذا وأول زمرة فوجوههم*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
السابقون هم وقد كانوا هنا*** أيضا أولي سبق الى الاحسان

وصف الزمرة الثانية

والزمرة الأخرى لا كأضواء كوكب*** في الأفق تنظره به العينان
أمشاطهم ذهب ورشحهم *** فمسك خالص يا ذلة الحرمان

وصف تفاضل أهل الجنة في الدرجات العلى 


ويرى الذين بذيلها من فوقهم*** مثل الكواكب رؤية بعيان
ما ذاك مختصا برسل الله *** بل لهم وللصديق ذي الايمان

وصف ذكر أعلى أهل الجنة منزلة وأدناهم

هذا وأعلاهم فناظر ربه *** في كل يوم وقته الطرفان
لكن أدناهم وما فيهم دني*** إذ ليس في الجنات من نقصان
فهو الذي تلقى مسافة ملكه*** بسنيننا ألفان كاملتان
فيرى بها أقصاه حقا مثل *** رؤيته لأدناه القريب الداني
أو ماسمعت بأن آخر أهلها*** يعطيه رب لعرش ذو الغفران
أضعاف دنيانا جميعا عشر *** أمثال لها سبحان ذي الاحسان

وصف ذكر سن اهل الجنة

هذا وسنهم ثلاث مع *** ثلاثين التي هي قوة الشبان
وصغيرهم وكبيرهم في ذا *** على حد سواء ما سوى الولدان
ولقد روى الخدري أيضا أنهم*** أبناء عشر بعدها عشران
وكلاهما في الترمذي وليس *** ذا بتناقض بل ها هنا أمران
حذف الثلاث ونيف بعد العقود *** وذكر ذلك عندهم سيان
عند اتساع في الكلام فعندما*** يأتوا بتحرير ف بالميزان

وصف طول قامات أهل الجنة وعرضهم 


والطول طول أبيهم ستون *** لكن عرضهم سبع بلا نقصان
الطول صح بغير شك في *** الصحيحين اللذين هما لنا شمسان
والعرض لم نعرفه في احداهما *** لكن رواه أحمد الشيباني
هذا ولا يخفى التناسب بين *** هذا العرض والطول البديع الشأن
كل على مقدرا صاحبه وذا *** تقدير متقن صنعة الانسان 

وصف لحاهم وألوانهم

ألوانهم بيض وليس لهم لحى*** جعد الشعور مكحّلوا الأجفان
هذا كمال الحسن في أبشارهم*** وشعورهم وكذلك العينان

وصف لسان أهل الجنة

ولقد أتى أثر بأن لسانهم*** بالمنطق العربي خير لسان
لكنّ في اسناده نظرا ففيه *** راويان وما هما ثبتان
أعني العلاء هو ابن عمرو ثم *** يحيى الأشعري وذان مغموزان


وصف ريح أهل الجنة من مسيرة كم يوجد 

والريح يوجد من مسيرة أربعين *** وإن تشأ مائة فمرويان
وكذا روى سبعين أيضا صح *** هذا كله وأتى به اثران
ما في رجالهما لنا من مطعن*** والجمع بين الكل ذو إمكان
وقد أتى تقديره مائة بخمس *** ضربها من غير ما نقصان
إن صح هذا فهو أيضا والذي*** من قلبه في غاية الإمكان
أما بحسب المدركين لريحها *** قربا وبعدا ما هما سيّان
أو باختلاف قرارها وعلوّها *** أيضا وذلك اضح التبيان
أو باختلاف السير أيضا فهو *** أنواع بقدر إطاقة الانسان
ما بين ألفاظ الرسول تناقض*** بل ذلك في الأفهام والأذهان

وصف أسبق الناس دخولا الى الجنة

ونظير هذا سبق أهل الفقر*** للجنات في تقديره أثران
مائة بخمس ضربها أو أربعين *** كلاهما في ذاك محفوظان
فأبو هريرة قد روى أولاهما*** وروى لنا الثاني صحابيان
هذا بحسب تفاوت الفقراء في *** استحقاق سبقهم الى الاحسان
أو ذا بحسب تفاوت في الأغنياء*** كلاهما لا شك موجودان
ونظير هذا سبق أهل الفقر *** للجنات في تقديره أثران
مائة بخمس ضربها أو أربعين *** كلاهما في ذاك محفوظان
فأبو هريرة قد روى أولاهما *** وروى لنا الثاني صحابيان
هذا بحسب تفاوت الفقراء في *** أستحقاق سبقهم الى الاحسان
أو ذا بحسب تفاوت في الأغنياء *** كلاهما لا شك موجودان
هذا وأولهم دخولا خير خلق *** الله من قد خصّ بالقرآن
والأنبياء على مراتبهم من *** التفضيل تلك مواهب المنان
هذا وأمة أحمد سباق باقي *** الخلق عند دخولهم بجنان
وأحقهم بالسبق أسبقهم الى *** الـ إسلام والتصديق بالقرآن
وكذا أبو بكر هو الصديق *** أسبقهم دخولا قول عند ذي البرهان
وروى ابن ماجه أن أولهم *** يصافحه اله العرش ذو الاحشان
ويكون أولهم دخولا جنة *** الفردوس ذلك قامع الكفران
فاروق دين الله ناصر قوله *** ورسوله وشرائع الايمان
لكنه أثر ضعيف فيه *** مجروح يسمى خالدا ببيان
لو صلح كان عمومه المخصوص *** بالصديق قطعا غير ذي نكران
هذا وأولهم دخولا فهو حماد *** على الحلالات للرحمن
إن كان في السراء أصبح حامدا *** أو كان في الضرا فحمد ثان
هذا الذي هو عارف بإلهه *** وصفائه وكماله الرباني
وكذا الشهيد فسبقه متيقن *** وهو الجدير بذلك الاحسان
وكذلك الملوك حين يقوم *** بالحقين سباق بغير توان
وكذا فقير ذو عيال ليس *** بالملحاح بل ذو عفة وصيان

وصف عدد الجنات وأجناسها 


والجنة اسم الجنس وهي *** كثيرة جدا ولكن أصلها نوعان
ذهبيتان بكل ما حوتاه *** من حلى وآنية ومن بنيان
وكذاك أيضا ففضة ثنتان *** من حلى وبنيان وكل أوان
لكن دار الخلد والمأوى *** وعدن والسلام اضافة لمعان
أوصافها استدعت اضفتها *** اليها مدحة مع غاية التبيان
لكنما الفردوس أعلاها *** وأوسطها مساكن صفوة الرحمن
أعلاه منزلة لأعلى الخلق *** منزلة هو المبعوث بالقرآن
وهي الوسيلة وهي أعلى رتبة *** خلصت له فضلا من الرحمن

والله اعلم وصلى الله على سيدنا محمد

orent
ابوعبدالعزيز

خليفه عبدالعزيز عبدالله الدريس