الثلاثاء، 20 فبراير 2024

ابتلاء العفة


ابتلاء العفة

تصافح فيه َغفلَةٍ وقلة حيلة *** أولُ من عاداهُ في الحُبِ إخوانه

توّسم يعقوب شمائِلُ النّبوّة فيه *** ونَهَاهُ قص رؤياهُ على أعوانه

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا حظه *** بما اجتباه أَبَاهُ دون سائر أقرانه  

فجع الزمان يعقوب بأهل مودته *** ورأى‌ تصبره على حدثانه

لولا الصبر مازال ضرّ أيوب *** ولا أنجلى عن يعقوب أحزانه

****

أَضْمَرُوا التَّوْبَةَ  قَبْلَ الذَّنَبِ *** مكائد شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً

قَالَ أَيْسَرَهُمْ جُرْمًا الْقَوْهُ في الجُبِّ ***  تلْتَقِطُهُ سيارة الملك وأعوانه

يخَلَص لكم حب أبيكم وإقباله *** وتكونوا من بعده رَهْنُ جنانه

رموهُ في جَوْفِ الجُبِّ منفرداً *** فكان له سلماً ليَكْمُل إيمانه

طرح المرميّ فِي ظُلْمة الجُبِّ  *** وبيع للواردين ببخس أثمانه

****

ضَمَّهُ الْجُبِّ في صمت وحزن *** بمَرْفَأُ طمَّ الماء موضع غُدْرَانه  

أَوْقعُوهُ كَيْ يكُونُوا مَكانَهُ *** كما فُـعِـلَ يوماً بكسرى في إيوانه

تَطاوَلَ اللَيلُ عَليه ولَم يَنَم *** قطعه سهراً يكابد الهم وأحزانه

حسب أَنَّ الليل ليس له نهار *** بات وقد غطى الظَلامُ أركانه

بات ثلاث ليالٍ لا نوم فيها *** جفا السهادُ لذيذ النوم عين أجفانَه

 ****

أتهموا الذئب وما صدقوا *** وجاءوا بدم كذوب على قمصانه

برئ الذئب من تهمة غيلة *** وذئب الفلاة الدم والاقناع برهانه

قالوا لم يبق منه غير قميصه *** مخضب بلون الدم دليل جثمانه

هو الذئب والذئب وحده مذنب *** وله من قميص الجنايات خانه

ما تورط سرحان لباس قميصه *** هم تلبَّسوا ثوب الغدر والخيانة

****

أغلقت باب بعد باب دونه *** حاشاه الغدر وخون الامانة

واستبقا الباب المرصود *** فلا تكون مع الامانة الخيانة

لا الليل يخفي العار كلا *** ولا القصر المشيد ولا جدرانه

ولا يخفى الخزي وإن أخفيته *** ولا الاختباء في سحائب دخانه

سيأكل الطير من رأس الذئاب *** ويعصر الحق غيث في أوانه

****

حبس عصمة من كيد نسوة *** والله قادر كسر قَيدَ سجانه

غير أنه أرسل لفرعون رؤيا *** وكُفّي النزاع وَفُكّ قَيدَ قضبانه

أقام جميل الصبر في السجن سبعاً *** فآل به الصبر للعز وسلطانه

صَفَا قَلْبُهُ مِنْ كُلِّ حِقْدٍ صفو *** الوداد  وأمسى لَيِّناً رغم أحزانه 

هنياً لك الملك يا ذا المعالي *** حزت مقاماً وفي النفوس مكانه

****

 قد القميص من دبر فكذبت *** فتساقطت التهم عن قلبه وإيمانه

ريح قميصه رد العين مبصرة *** يا فرحة يعقوب شم ريح قمصانه

أتت البشارة والشفاء معاً *** فسكن قلبه وسكنت دمعة أحزانه

للحب رائحة تفوح منه *** وجد يعقوب ريح يوسف في قمصانه

غاب عن عينيه حلو الكَرى *** هيهات هيهات يطفئ ذكراه نسيانه

 orent

ابوعبدالعزيز

                     إيضاح :

آثّرت قصة يوسف عليه السلام في الادب العربي واللغات الشرقية من الفرس والترك أثرًا كبيراً

فأخذوا ينسجون من تصورهم إبداعات شعرية وقصص ومسرحيّة عن القصة القرآنية

مستعينين في هذه الحياكة البسيطة بما ورد في التفاسير من صحيح المرويات تارة

وما شابها من إسرائيليات تارة أخرى

سبب نزول سورة يوسف 

جاء في كتب التفسير عن أسباب نزول سورة يوسف في القران الكريم

ما رواه ابن جرير عن ابن عباس قال :

قالوا : يا رسول الله صلى الله عليك وسلم لو قصصت علينا؟

بأن يخبرهم بحديثٍ مختلفٍ عن قصص الأقوام السابقة

فنزلت :﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص ﴾

وقصَّ عليهم في هذه السورة الكريمة قصة عظيمة وهي قصة يوسف عليه السلام مفصّلة

وقد احتوت سورة يوسف على أطول قصة في القرآن الكريم في سياق واحد

قمصان يوسف

استعمل القميص في سورة يوسف خمس مرات

الاولى: قميص الزُّورَ الذي استُعمِل بنيّة مزوّرة حين جاءوا يستدلون على قولهم أن الذئب أكله

والدليل الدم الذي على القميص الذي عليه دم كذب وهذه البيّنة مزوّرة

في قوله تعالى: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِب)

الثانية: قميص البراءة واستعمل هنا ببيّنة صحيحة للاستدلال والوصول إلى براءة يوسف

في قوله تعالى: (وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ)

البيّنة الثالثة: قميص الشفاء استعمل بيّنة صحيحة للدلالة على أن يوسف لا يزال حياً

وكانت بشرى لوالده يعقوب وسبب لردّ بصره

في قوله تعالى: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا)

الرابعة : ريح البشارة قال تعالى (وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّى لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَآ أَن تُفَنِّدُونِ)

ولما فصلت عير بني يعقوب من عند يوسف متوجهة إلى يعقوب

قال يعقوب عليه الصلاة والسلام  إني لأجد ريح يوسف يذُكر المفسرون

أن الريح استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف

قبل أن يأتيه البشير فأذن لها فأتته بها

orent

ابوعبدالعزيز