السبت، 16 يوليو 2022

لا تحلوا الحياة بدون امرأة

 


خلق الله سبحانه وتعالى حواء لتكون إنسًا لآدم عليه السّلام 

وسكنًا له خلقها من ضلع هو ضلع آدم الأَعْوَجَ

واعتمد العلماء في ذلك على ظاهر قوله تعالى "خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا"

ومع أن هذه الآية تدل على أن حواء خُلقت من آدم لكن دون تعيين الموضع

إلا أن العلماء استدلوا إن حواء مخلوقة من بعض جسم آدم

كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ 

فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ )

واسم حواء عربي مؤنث معناه الحياة

فأصبحت حواء الأنيس والمُسلّي لآدم في الجنّة وفي الحياة الدنيا

فكانا في الجنة يسكنون قصورها ويتمتعون بملذاتها ويتناولان من ثمارها

وكانت حياتهما حياة رغيدة كما وصفها الله في القرآن الكريم في قوله تعالى:

(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا)

ثم مجيء الأمر الإلهي بالأمر بالهبوط إلى الأرض واستخلاف آدم وحواء فيها

إن الرجل لا يستطيع أن يعيش بدون امرأة ولا المرأة أن تعيش دون الرجل

ولا يحلوا العيش دون مرافقة أحدهما للآخر

أن الله خلق حواء لتعين آدم وغياب المرأة عن حياة الرجل يؤثر سلبا على الحياة لا محالة

والأمر لا يقتصر على غياب الزوجة فقط بل يشمل الأخت و الأم و الابنة

إن ما يميز المرأة عن الرجل أنها مخلوق يستطيع القيام بعدة مهمات فهي تتمتع :

بمعرفة وقدرات طبيعية للقيام بالواجبات المنزلية

إضافة إلى قدرات أخرى منحها الله إياها وعلى رأسها الحمل والإنجاب

وقيل: لو تألم آدم وهو في وعيه لكره حواء عندما خلقت منه

فإن الله  سبحانه خلق حوّاء من آدم بعد أن ألقى النّعاس على آدم ونام

فلم يشعر بخروجها منه كي لا يتألّم لأنه لو شعر بالآلام لكرهها ونفر من وجودها

بعكس المرأة فهي تحب في قمة ألمها وجراحها عندما تلد وتشعر بألم المخاض والولادة الرهيب

الذي يجعلها تحب وليدها وتضحّي وتتحمل من أجله كل أصناف العذاب والآلام

ثم تنسى الآلام والتمتع بالصبر لتربية الأولاد ومرافقة مسيرة حياتهم

إن قوة المرأة تكمن في ضعفها وضعف المرأة هو مصدر قوتها

وهذه ليست معادلة رياضية صعبة لكنها في الواقع  حقيقة ماثلة أمامنا

ولا يعنى أن ضعف المرأة يكون بتهاونها في حقها أو نقص من قدرها

بل أن تفهم الرجل للمرأة أن احتواها بضعفها فزادها هذا الاحتواء  قوة  وبالتالي سادت بلطفها وحنانها

والمرأة تحتاج لمن يحتويها ويحنو عليها ويهتم بها ويرعاها

فإذا رأى الرجل حاجة المرأة اليه احتواها وجعلها تحت جناحه وحبها

لأنها تملكت قلبه بحنانها ومشاعرها اللطيفة وقربت منه

والسيادة هنا: ليست بقوة البطش انما بالكلمة الحانية والابتسامة الساحرة 

والرقة والحنان والنعومة والأنوثة وحسن التبعل لزوجها وصوتها الهادئ الحنون 

وخجلها وفي طبيعتها الإنسانية الفطرية التي خلقها الله سبحانه وتعالى عليها 

حتى أصبح هذا الضعف مصدر قوتها ومن أهم أسباب قوتها

والمرأة لديها قوة داخلية عجيبة تتمثل في :

1-     الإحساس المرهف والرحمة والهدوء ورقة الطباع وسحر الحديث وعذوبة الكلام 

                   فهي تملك الابتسامة الساحرة والانوثة الناعمة فقوة المرأة في هدوئها وإحساسها ورقة مشاعرها

2-     قوة الإرادة فهي صلبة في بناء بيتها وعدم تصدع اركانه

               وهذا سر النجاح أن تجمع بين الرقة والأنوثة والقوة والصلابة

3-     تتصرف المرأة بعاطفتها وليس بعقلها الا ترى أنها تتصرف بما تمليه عليها عاطفتها

بدون تفكير تربي اطفالها 

            وتضل ساهرة بجوارهم اذا مرضوا وتسهر بجوار زوجها اذا اشتكى ومرض

وتقف بجانبه إذا مرّ بضائقة مالية 

والمرأة في جميع امورها العاطفية تتصرف وفق عاطفتها وليس عقلها

4-     كلما ازدادت المرأة أنوثة ورقة كلما ازدادت قوة في بناء شخصيتها 

وإن تفهم الرجل لها واحتواها بضعفها مما يزيدها قوة

فالمرأة التي تتمتع بالضعف الفطري هي ما يطلق عليها (أنثى)

ما أجمل أن تعود المرأة لفطرتها التي خلقها الله عليها وميزها بعاطفتها وضعفها كأنثى

فالمرأة لم تخلق من رأس الرجل لئلا تتعالى عليه ولا من رجله لئلا يحتقرها

بل استلها من ضلعه لتكون تحت جناحه فيحميها وقريبة إلى قلبه فيحبها

وهي إرادة الله سبحانه  في القوامة في قوله تعالى :

( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ...)

وجعلت القوامة للرجل على المرأة لأجل ثلاثة أشياء :

الأولى : كمال العقل والتمييز قال ابن القيم : العقل عقلان :

أ- عقل غريزي طبعي هو أبو العلم ومربيه ومثمرة

ب- عقل كسبي مستفاد وهو ولد العلم وثمرته ونتيجته

فإذا اجتمعا في العبد استقام أمره واقبلت عليه جيوش السعادة من كل جانب 

وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء

وإذا فقد أحدهما انتقص صاحبه بقدر ذلك أما إذا فقدهما فالحيوان البهيم أحسن حالاً منه

الثانية : كمال الدين والطاعة في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العموم

ولا يوجد دين في الكون انصف المرأة مثلما انصفها الإسلام وقد يقول قائل :

تقولون ان عقل المرأة ناقص وعقل الرجل كامل فكيف انصفها ؟

نقول له:

هذا الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حيث قال :

ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحازم منكن

قلن : وما ذلك يا رسول الله ؟

قال : أليس إحداكن تمكث الليالي لا تصلي ولا تصوم فذلك من نقصان دينها

وشهادة إحداكن على النصف من شهادة الرجل فذلك من نقصان عقلها

وقد نص الله سبحانه على ذلك بالنقص في قوله تعالى :

( أن تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى  (

الثالثة : بذله المال من الصداق والنفقة وقد نص الله على ذلك في قوله تعالى:

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)

قال ابن جرير رحمه الله: يعني بذلك جل ثناؤه

أن الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهم لله ولأنفسهم

وقوله تعالى : ( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )

يعني: بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سَوقهم إليهم مهورهن

وإنفاقهم عليهن أموالهم وكفايتهم إياهن مؤنهن

وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن وصاروا قُواماً عليهن

نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن

والقوامة هنا في قوله تعالى :

﴿ ٱلرِّجَالُ قَوَّ ٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَاۤءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ وَبِمَاۤ أَنفَقُوا۟ مِنۡ أَمۡوَ ٰلِهِمۡۚ

يقول الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله 

و﴿قَوَّامُونَ﴾ جمع صيغة مبالغة تقتضي القوامة على النساء في كل حال

ثم يتساءل فما الذي فضل الله به الرجال على النساء؟

ويجيب تقتضي بعد قوله تعالى: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾

أي: زاد بعضهم على بعض والمزيد هو من الرجال والمزيد عليه النساء

بفضل القوة الظاهرة والباطنة فالقوة الظاهرة قوة البدن

ولهذا تجد الرجل بل تجد الذكر حتى من غير بني آدم تجده أقوى من الأنثى

وأكبر عضلات وأشد هذه من القوى الظاهرة

أما القوى الباطنة: فهي التحمل والصبر والذكاء والعقل وما إلى ذلك

وقوله تعالى: ﴿وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾

وهذا تفضيل خارجي أي: الرجال على النساء فالرجل هو المسؤول عن الإنفاق على المرأة

والمرأة ضعيفة لا تستطيع أن تكتسب فالرجل هو المسؤول وبذله المال من الصداق والنفقة

والقوامة لها ضوابط و واجبات على الرجل للمرأة وهي من قام على الشيء وحافظ عليه

وهي من تمام النعمة علينا وملائمة ومناسبة لكل من الرجل والمرأة

إذ لكلاً منهما لديه استعدادات فطريه وصفاة جِبِلِّية

قد تسترجل المرأة إذا فرّط الرجل برجولته وقد تكابر بعض النساء 

وتدعي قدرتها العيش دون رجل لإراحة رأسها

لكن هيهات هيهات أن يحصل لهن الراحة

أما أهل الفطرة السوية تقول أحداهن عن نفسها :

عندما يستطيع الحوت العبش خارج البحر يمكنني الاستغناء عن الرجل

وتقول أخرى لا يمكنني العيش بلا رجل يؤنس وحشتي ويحن علي ويغمرني بعطفه

إذن المرأة لا تسطيع الاستغناء عن الرجل وكذلك الرجل فكلاهما يكملان بعضهما

حتى وإن برزت المرأة واستطاعت الوصول إلى أعلى المراتب 

هي في الواقع ينقصها رجل يكمل نصفها الأخر

أن الفلاح والسعادة للرجل والمرأة هي في التكوين الذي خلقا من أجله ويسعيان لتكوينه

فما أجمل الرجل الشجاع  الذي يظهر بفطرته ويتحمل مسئوليته

وما أجمل المرأة الانثى التي تحتمي بزوجها وتظهر حاجتها اليه

بارك الله في الجميع

orent

ابوعبدالعزيز


.

الاثنين، 7 فبراير 2022

لا تُنْكِري وَضَحَ المشيب

 






لا تُنْكِري وَضَحَ المشيب

لا تلوموه فإنّ اللّوْمَ يوجعه  ***  قد بلغ به العشق والهيام حده

يكتم حبه خوف الشامتين به *** فأضفى على وجهه الكريم حياؤه

قد راعه حباً مرّ به في صغره  ***  ليت لي أمر يزيل ارتياعه 

صحا الحب فيه طهراً وعفة *** من شمائله وورد حبه فاح عطره  

قد كان يرجوا مني وصاله  ***  وزاد نصحي له أن ظنّه ضده

***

وَقُلتُ له حينَ لَجَّ بِه الهَوى *** الامر لله ما لَهُ نَدَمُ بعدَ فِعْلِهِ

وَأنّي ما اعتَذَرْتُ إلَيْكَ ولكن *** خط الجمال بقلم الريحان عذره

بكيت على وجه زين الحسن *** مِلاحَهُ وقلت لنفسي حين فارقته

لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ *** أو ساقياً َسَقاهُ الحب بكأس فرواه

أو كنت أول من كلف بحبه *** لما شكى قلبي اليوم اِنْقِطَاع لقياه

أوكنت شجي البال والقلب *** بالهوى وما أشْجاهُ الحب وابتلاه   

***

ألا إيها القلب الذي قادهُ الهوى لنا *** لا تقطع ودّ من وددتُ ودّه

ولا يفرق العشق بيننا صلة  ***ما كنت من يدخل الغَرَام فُؤاده  

وتَبْرِير عذري إلَيْكِ مُبَرِّر *** يا أطهر قلب عرفته ولمسته

لا تُنْكِري وَضَحَ المشيبِ فإنِّما *** هُو زَهْرةُ على الخدود لبابه(1)

هذا خِياريّ وحاشا أن أخيب به *** امْرِئٍ وسواكِ يخيب فيما ابتغاه

***

أفدي المودعة التي كان الفراق *** لِزَام علينا ولم تكن ترضاهُ 

حَمَى اللَهُ مَن وَدَّعتُهُ ضحى *** وأحرقني ألم الفراق وداعه

وقلت لقلبي حين فارقته لقد *** فارقت يا قلب من فارقت وصاله

ومددّت أكف الوداع وودعته *** وقضى الله بعد الاجتماع فراقه

***

لم أَنسَ منه نَظرَةً حينَ ودعته *** كمن فاته شيء يرجى ارتجاعه

فوقفت اُتبعُه نَّظرةً أزودها *** لأُوَدَّع رَوحاً بَينَ لَحمي وَعظُمه

ودعته واخفيت عنه لوعتي *** خوف تدَحْرَج دمعة من العين نازلة

وسرت خطوة والتفت نحوه  ***  ومن محياه ودعتني بابتسامة حانية

orent

ابوعبدالعزيز


1-   لبابه: أي الخالص المختار من كل شيء، سيد القوم ويقال: "هي لبابة القبيلة" أي خيارهنَّ

والبابة: قلب الثمرة وما في جوفها


 إن الله خلقنا من نفس واحدة‏ رجل وامرأة

تجانسا‏‏ فحنين الشيء إلى مادته وتجانس المادة بجنسها

والزواج مثل كل نعمة يهبها الله لمن يشاء

وثمرته الإنجاب وهذه الثمرة زينة الحياة الدنيا

فيهب لمن يشاء الإناث ويهب لمن يشاء الذكور

ويجعل من يشاء عقيما

هو رزق من أرزاق الله سبحانه التي لا يملكها إلا هو

قد يبتلي الله المرء بعدم الزواج وتأخّره

حينها يلزمه أن يصبر على ذلك ويحتسب أمره عند الله  

لإن المؤمن مبتلى وإن الله اذا احب قوما ابتلاهم ليختبر ايمانهم

وكل أمر المؤمن خير

والابتلاء يأتي بأشكال وصور مختلفة

ليرى الله مدى صبرهم وتحملهم وقوة ايمانهم

ومن هذا البلاء عدم الزواج

فمن ابتُلي بعدم الزواج أو تأخّره 

عليه أن يصبر على ذلك ويحتسب أمره عند الله

 والمؤمن يتقلب في الدنيا بين حالين

إما السراء فيشرع له الشكر أو الضراء فيشرع له الصبر

وأنا في هذه القصيدة أرسم صورة عن معاناة المرأة ومشكلاتها الحياتية

بعد سن الأربعين ألتي يفترض أن لديها نقصُ ومعاناة من الزواج في هذا السن

فأنا أدق ناقوس الخطر لعل هذه الكلمات 

تكون البلسم الشافي والدواء الكافي 

الذى يشفى من سلبيات الزواج اليوم

ويخلص الفتاة من العنوسة قبل حلولها

وقبل فوات قطار الزواج بتجاوزها سن الأربعين

ثم ترى قطار الخمسين يقترب منها

خصوصاً أن وصول المرأة لسن الأربعين الذي لم تتزوج فيه

يولد أزمة لديها ويدق ناقوس الخطر البيولوجي للنساء 

اللاتي لم يرزقن بأطفال ذلك أن المرأة تقترب من العقم بهذا السن

إن تأخر الزواج لهذا السن بالنسبة للمرأة 

تصبح فيه مدرجة تحت يافطة (العنوسة)

وتبدأ نظرات المحيطين بها والتي لا تخلوا من الشفقة

وهذه النظرات كالسهام الموجهة لقلبها من الأخرين

لمجرد ان قطار الزواج قد فاتها

 عليها ألا تفكر في الأمر إذا القطار قد مضى

ولابد ان نعرف جميعاً أن تأخر المرأة عن الزواج له أسباب

ويجب أن نضع له الحلول

قد يكون لأولياء الأمور دوراً أساسياً في هذا التأخير

وفي الغالب يكون للمرأة الدور الأكبر في عدم الزواج أو تأخره

وذلك بإسناد أمور الزواج إليهن وهن يجهلن مقاصد الزواج الشرعي

بوضع شروطاً خيالية في الزوج من قبل البنت وأمها

الفتاة تريد الكثير من المواصفات المثالية في شريك الحياة

كالوسامة والجاه والمال وغيره من الشروط والمعايير العالية

التي تضعها لشريك حياتها

وهذا الأمر قد يؤدي إلى إعاقة زواجها وتأخيره كثيراً

فكم من شاب تأخر في الزواج بسبب رده من عدد من الآباء للأسباب السابقة

وكم من فتاة كَبُرَتْ فِي السِّنِّ وَعْنَسَتِ بسبب هذه المفاهيم

وجلست حبيسة جدران بيت أبيها حسيرة كئيبة

تندب حظها وتتأسف على زوال شبابها

وبدون زوج يسعدها وأطفال يدخلون البهجة على قلبها

فأصبحت كلمة عانس مثل الجبل العظيم الجاثم على صدرها

أن هذه الشروط من قبل البنت وأهلها هو أحد الأسباب في تعنيس الفتيات

وهناك أسباب أخرى تؤدي إلى تأخر الزواج عند الفتيات مثل :

1-   غلاء المهور وتوابعها

2-   عمل الحفلات الباذخة في القصور الفارهة أو الفنادق المشهورة

وكله من باب الإسراف المنهي عنه

3-   عدم تزويج البنت الصغرى قبل أختها الكبرى 

فمازالت بعض العائلات في المجتمعات التقليدية 

تمنع زواج البنت الصغرى قبل أختها الكبرى وتعتبر ذلك الزواج من قبيل العيب 

وقد تنتج عن ذلك مشاكل بين الأب والابنة

فالأب في نظرها حال بينها وبين سعادتها لرفضه زواجها

4-    ردّ الخاطب الكفء بسبب أن بعض الفتيات يرغبن إكمال تعليمهن 

وحصولهن على الدرجات والشهادات العليا وانغماسهن في تحقيق هذه الأهداف 

التي قد تكون سبباً أو عاملاً مؤثراً في تأخر الزواج للفتاة إلى ما دون سن العنوسة

5-   دور السوشال ميديا وما يرد فيها وأنها العائق والعقبة الأكبر 

أمام الفتيات في عصرنا الحالي حيث إن الفتيات أصبح قداوتهن تلك المشهورات 

اللواتي يقلن لا نتزوج إلا بفارس أحلام يشبه ذلك الذي في القصص 

وكأنه يحمل لها عصا سحرية

إن الشارع الحكيم طالب أولياء النساء بتيسير أمر الزواج

تحصيلاً للمصالح و درءاً  للمفاسد

قال النبي ﷺ

(إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه

إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)

لان تأخير الزواج بدون سبب مقبول شرعاً مظنة للفساد وبوابة للشر

والواجب على أولياء النساء أن ييسروا سبل الزواج

قال صلى الله عليه وسلم :

(إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها)

فيستحب أن يكون المهر ميسراً وتكون وليمة للعرس مبسطة

ويعلن الفرح بالنكاح

ويستحب للنساء ضرب الدف والغناء الذي لا محظور فيه

لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت)

إعلانا لهذا النكاح

ويدعى إليه الأقارب والجيران لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن عوف :

(أولم ولو بشاة) متفق عليه

كان آبائنا وأمهاتنا زواجهما فيه من البساطة الشيء الكثير

وكان الطلب من الله التوفيق هي الغاية الاسمى في ذلك الوقت 

وكانت المهور ميسرة بمهر يسير

وحفلة زفاف مبسطة ومعقوله لا تقتير ولا إسراف

وكان التكاتف الاجتماعي موجود مع البساطة فيه من جميع النواحي

والزواج قائم على الاتفاق والتيسير بين الزوجين

أما اليوم تجد الفتاة تعكف على اختيار قاعة الزفاف والفستان

والترتيبات والتنسيقات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي

بتكاليف عالية مبررين ذلك 

أن الزواج اليوم مختلف عن الحقب الزمنية السابقة

فالمتطلبات في السابق مختلفة تمامًا عن ماهي عليه اليوم

فالاحتياجات في هذا الزمن هي التي تضع العوائق وليس الفتيات

تقول أحدى الفتيات :

نحن كفتيات نطالب بمهور مرتفعة بسبب :

1-   ترتيبات حفلات الأعراس فالمهور المرتفعة لها ما يبررها

ولا نرى نحن الفتيات فيها أية مبالغة فلا بد أن يستوعب الشاب 

بأن العروس لا تطلب زيادة المهر من غير مبرر 

فأنا لا أؤيد أن أعيش في زمن غير زمني 

ولا أقبل بزواج دون المستوى مقارنة بأقراني

2-   ارتفاع الأسعار في الأسواق وأسعار الصالونات وفساتين الأفراح

3-   تعتبر ليلة الزواج  من الأساسيات فهي ليلة العمر 

ومن الطبيعي أن تصنع العروس من ليلة زفافها الوحيدة ليلة لا تنسى 

بغض النظر عن التكاليف لأنها لن تتكرر

هذا الكلام مردودٌ على صاحبته بأنه مكرِّر وتقليد أعمى للآخرين

ويرددونه كال ببغاوات ويظهر عند كل مناسبة زواج

ونكون كمن يدور في حلقة مفرغة 

نعود لمسألة تأخر الزواج عند المرأة ونقول :

على المرأة الا تحزن وتلوم نفسها على شيء قدره الله لها

قد يكون تأخر الزواج خيرا لها من الزواج برجل سيئ الخلق

فلو تخيلت المرأة مدى المعاناة التي ستعيشها مع هذا الرجل

لفضلت العيش دون زواج طوال العمر

إن تأخر الزواج او عدم الزواج ليس نهاية المطاف

فلابد ان تعلم المرأة حقيقة هامة الا وهى :

ان الحياة لا تتوقف على هدف واحد لم تستطع تحقيقه

فلابد ان تمارس المرأة حياتها بشكل طبيعي ولا تركز على ما فقدته

قد يسبب لها ذلك شعور بالقلق والخوف من فقدان ذلك الشيء  

لان الانتظار شيء قاتل عندما يطول وهذه حقيقة معروفة

والزواج ليس مفتاح السعادة

ولا يشعر المرء بالرضى او الفرح اذا لم يجد شريكا

وإن فقده لا يعني نهاية الحياة

وعليها أن تسعى لملأ هذا الفراغ الذي من شأنه التخفيف من معاناتها

ولملأ هذا الفراغ أقول لكل أخت فاتها قطار الزواج

لكي أختي الكريمة قدوة بأم الكرام " كريمة المروزية "

عالمة جليلة عرفت بطلب العلم والأخلاق العالية

اسمها أرتبط بصحيح البخاري " نسخة كريمة "

حيث ينقل منها أحيانا ابن حجر رحمه الله تعالى

وقد كتبت ترجمة لها في بعض نسخ البخاري تقول الترجمة :

جاورت أم الكرام " كريمة بنت احمد المرزوية " المسجد الحرام

ورحلت في طلب العلم مع والدها فالعلم لا يمكن تحصيله إلا بالرحلة

حفظت وروت وتعلمت وعلمت الحديث  

تتلمذ على يدها أكبر الفقهاء في عصرها

وصفت بأنها كانت محدثة فاضلة ذات فهم ونباهة

بل إليها انتهى علو الإسناد لصحيح البخاري ولم تفرط في منهجها

لذا لم تقبل أن ينتسب إليها الخطيب في روايته للصحيح

دون أن يقابل معها نسختها بنسخته وذلك بأن تقرا عليه ثم يقرأ عليها

وهي في خدرها من وراء حجاب

ولك أن تتصوري أختي الفاضلة الجهد الذي بذلته في سماعها للخطيب

فقد قرأ عليها في خمسة أيام  

لقد استطاعت كريمة بنت احمد المرزوية أن توف هذا الوقت للعلم

فقد عاشت مئة سنة وماتت عام 63 هـ ولم تتزوج

أسأل الله أن يخفف من معاناة الفتيات اللاتي لم يتزوجن

من نظرات الأخرين لهن سواء بالشفقة او بالتباهي ويصبرهن على هذا البلاء

ويخلصهن من النظرات السلبية من المحيطين بهن

والله من وراء القصد

orent

ابوعبدالعزيز