الأحد، 17 يناير 2021

الاندلس والسقوط الاموي


أن الهدف الاساسي من الفتوحات الإسلامية كان لتأمين الدولة الاسلامية 

من المتربصين بها من الفرس والروم وتقوية الجبهة لدرأ الخطر المحدق بالدولة

من كل مكان وكان الهدف نشر الدين الاسلامي

 فبعث الله محمد صلى الله عليه وسلم داعيًا إلى توحيده بالسَّيف بعد دعائه بالحُجَّة

لان الجهاد شعيرة من شعائر الإسلام

وبلغ الحث على الجهاد في الكتاب العزيز مبلغاً عظيماً

وفي السنة النبوية أيضا وعن ابن عمر رضي الله عنهما : 

أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم قال:

بُعِثْتُ بين يَدَيِ السَّاعة بالسَّيف، حتى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذَّلُّ والصَّغار على مَنْ خالَف أمري، ومَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم

ومعنى قوله: (بُعِثْتُ بالسَّيْف بين يَدَيِ السَّاعة) أي: أنَّ الله بعثه داعيًا إلى توحيده 

بالسَّيف بعد دعائه بالحُجَّة

لم يكن المغزى لاستغلال تلك الدول واضطهاد شعوبها أنما لتكون كلمة الله هي العليا

فالمسلمين وجدوا أنفسهم مكلَّفين بتبليغ الناس الإسلام وإن هذا التبليغ

لا يكون الا في جماعات ومكان يتجمع الناس فيه

واتجهت الدعوة إلى الشام والعراق ومصر وأفريقيا الى حيث تكون الحضارة

وأماكن التمدن فيها

ولم تكن الحبشة ضمن الممالك التي وجَّه المسلمون إليها حملاتهم في ذلك العهد الأول

الذي شهد الفتوحات الإسلامية العظيمة لنشر دين الإسلام

وذلك راجع إلى أسباب عدة من أهمها :

1- تركيز المسلمين على كسر شوكة الإمبراطوريتين المجاورتين لبلاد العرب

واللَّتين يُخشى منهما على الدولة الإسلامية الناشئة

وهما إمبراطورية الفرس والإمبراطورية الرومانية الشرقية

2- اعتبار المسلمين أن الشام والعراق ومصر أكثر أهمية من الحبشة لمركزها المهم 

وسبقها في ميدان الحضارة والعمران

3- قُرْب عهد المسلمين بالعَلاقات الطيبة التي كان للنجاشي فيها فضلٌ مشكور 

حتى أنه  يُروى أن النبي نَصَحَ بِتَرْكِ الأَحْبَاشِ وشأنهم طالما أنهم لم يبدؤوا بالعدوان

فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال

اتركوا الحبشةَ ما تركوكم ، فإنه لا يستخرِجُ كَنزَ الكعبةِ إلاَّ ذو السُّوَيْقَتَينِ من الحبشة 

وعندما أمر الله نبيَّه بقوله تعالى

﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [المائدة: 67

اندفع الصحابة مضحِّين بأموالهم وأنفسهم خارج أوطانهم لإنقاذ شعوب الدنيا 

من ذل عبوديتهم للحكام إلى عزِّ عبوديتهم لله

لكن الطواغيت سخَّروا جيوشهم المغلوبة على أمرِها لصد الدعاة المسلمين 

عن أداء هذا الأمر الرباني الذي فيه خلاص البشرية من عذاب الدنيا والآخرة 

مما اضطر المسلمين لحمل السيف ضدهم

فالإسلام رسم لنا منهجًا عامًّا في التعامل مع غيرنا من غير المسلمين

وهذا المنهج هو أن نحسن إلى مَن هم ليسوا على ديننا إذا أحسنوا إلينا 

ولم نَلْقَ منهم الأذى والعدوان 

وأمرنا الله أن نُجابِهَهم إن أظهِروا لنا العدوانَ

تكون الدولة الاسلامية

وعندما تكونت الدولة في المدينة المنورة قرر الروم إنهاء هذه القوة الاسلامية

المتكونة حديثا التي أخذت تهدد كيانهم فخرجوا في اربعين الف مقاتل 

وعندما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بمقدمهم خرج لملاقاتهم في ثلاثين الف مقاتل وكان الموقع في تبوك

وأنتهى ذلك دون قتال لخوف الروم من المواجهة 

مما رسم قوة عسكرية ناشئة في المنطقة يضرب لها الف حساب

ومما جعل الامر يسوء أن حلفاء الروم من العرب تحالفوا مع الروم ضد هذه الدولة

الفتية من المسلمين

لان عرب الشمال (الغساسنة) وهم قبائل أزديّة من اليمن هاجرت مع نهاية القرن

الثالث الميلادي نحو جنوب بلاد الشام وكانت هجرتهم بَعد واقعة سَيل العَرِم

وأقاموا قبل هجرتهم على أرض تهامة عند نبع ماء يسمى غسّان

قبل أن يهاجروا الى الشام

ولهذا السبب حصلوا على اسم الغساسنة وهم أحلاف البيزنطيين الذين يجدون منهم كل عون وتشجيع

وهؤلاء الغساسنة أو عرب الشمال كما يطلق عليهم

قد قتلوا مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند دعوتهم للإسلام مما جعل 

المسلمين يذهبوا لمؤته ليؤدبوا عرب الشمال (الغساسنة)

وكان ذلك في جمادى الاول  من العام الثامن للهجرة

وسبب الغزوة هو قيام  شرحبيل أبن عمرو الغساني بقتل الحارث بن عميرمبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم

الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم حاملاً رسالة إلى ملك بصرى يدعوه فيها إلى الإسلام

فإذا بالمسلمين يواجهون جموع الروم الحاشدة ومن جهة أخرى العرب الغساسنة 

وقعت الغزوة في بلدة مؤته في محافظة الكرك في الاردن

وتعتبر غزوة مؤتة أول غزوة يخوضها المسلمون خارج حدود الجزيرة العربية  

صمد فيها ثلاثة آلاف مقاتل مسلم أمام مائتي ألف من الروم 

وقبائل الساسانيين العربية الحليفة لهم لمدة ستة أيام كاملة

وانتهت المعركة في اليوم السابع بعد قيام قائد الجيش خالد أبن الوليد بانسحاب 

تكتيكي ناجح وبأقل الخسائر

واستشهد في هذه الغزوة القادة الثلاث الذين اختارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم 

لقيادة المعركة وهم :

على الترتيب : زيد بن حارثة - وجعفر بن أبي طالب - وعبد الله بن رواحة

في هذه الغزوة تعرض المسلمون لمحنة قاسية ولولا الله وبراعة خالد ابن الوليد 

في الانسحاب لأنزل الروم في المسلمين خسائر فادحة

الخلافة الراشدة

فبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اختير ابو بكر خليفة لرسول الله صلى الله 

عليه وسلم وحارب القبائل  التي اردّت عن الاسلام في ما يسمى حروب الرده

ثم نشر الدين في ما جاور الجزيرة العربية لتبليغ الشعوب في تلك البلاد

بلاد الروم البيزنطيين والفرس الساسانيين 

فسيطر المسلمون العرب  على الشام ومصر والعراق وفارس

وفي عهد الخليفة عمر أبن الخطاب أقيمت أول المدن الإسلامية كـ  الكوفه

وظلت الخلافة الراشدة ثلاثين عاما

قيام الدولة الاموية

تأسست الدولة الاموية وكانت تمتد من غربي الصين إلى جنوب فرنسا

وأقيمت المؤسسات الإسلامية  والنهضة العمرانية والمساجد والمكتبات في كل 

المناطق التي فتحها الامويون 

لتبدأ مسيرة الاعمار والنهضة التي شيدها المسلمون في تلك البلدان

وشهدت خلالها الأندلس حضارة عربية إسلامية وحركةً ثقافيّة واسعة 

تجلّت فيما تركه عُلماؤها المسلمون من آثار علمية وأدبية وفلسفية 

ومصنفات التراجم والأعلام والسير الأندلسية 

وما احتوته هذه المصنفات من فوائد تاريخية وفكرية وأدبية وسياسية واجتماعية

في الوقت الذي تخبّطت فيه أوروبّا في الجهل والتخلّف كانت الحركة العلمية 

في الأندلس تقوم على يد مجموعة من أشهر علماء الأندلس المسلمين أمثال :

1-   الإمام القرطبي

2-   عباس بن فرناس عالم الأندلس في مجال الهندسة

3-   ابن البيطار من أشهر علماء الأندلس المسلمين في الصيدلة

4-   الفيلسوف الإدريسي من أشهر علماء الأندلس المسلمين في الفلسفة ومؤسس علم 

     الجغرافيا ومصنّفا فيه 

     حتى استخدمت مصوراته وخرائطه للبحيرات والمرتفعات وحدود الدول والمدن 

     الرئيسة في سائر كشوف عصر النهضة الأوربية

5-  المهندس ابن السمح من أشهر علماء الأندلس المسلمين المختصين

     في علم العدد    والهندسة

   6-   ابن رشد شخصيّة متعدّدة التخصّصات فهو فقيه مالكيّ وقاضي القضاة في زمانه

         وطبيب  أيضاً

أن دولة بني أمية مغبونة في تقييمها وهي أعظم دولة قادت الفتوحات الإسلامية 

   وانتشلت مساحات شاسعة من الكفر الى الاسلام   

وصلت الفتوحات في عهد الامويين الى أرمينيا – وأذربيجان – وجورجيا

حتى وصلت جيوش الاسلام المجاهدة بالفتوحات الى أفغانستان – وباكستان - والهند  

وأوزباكستان - وتركمانستان - وكازخستان ومدن إسلامية عدة

كلها دخلت في الإسلام تحت قيادة أموية

يقول ابن كثير:

(كانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ليس لهم شغل الا ذلك وقد اذلوا الكفر وأهله 

وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعباً لا يتوجه المسلمون الى قطرٌ من الأقطار

الا اخذوه)

البربر وسقوط الاندلس :

حكمت الدولة الاموية الأندلس زهاء ثمانية قرون

لكن التناحرات السياسية بين العائلات الحاكمة قسمتها لدويلات متناحرة 

أدت إلى سقوط الحكم الإسلامي فيها

وكانت هذه الخلافات كارثة كبيرة بخلافة بني أمية في الاندلس

وكل هذه الأحداث من قتل ومكائد وصراعات والاستعانة بالنصارى

ثم دخول النصارى بلاد المسلمين كل ذلك كانت بمساعدة من البربرالذين دَبِّروا 

المكائد وهم أغلبية في الجيش الاسلامي إذ كانوا يُريدون الحُكم

وعندما كان هشام بن الحكم على الحُكم قام سليمان بن الحكم ومن معه من لبربر 

بعملٍ لم يحدث في تاريخ المسلمين من قبل

فقد هجموا على قُرْطُبَة وعاثوا فيها فسادًا وقتلاً واغتصابًا للنساء

ظلَّ سليمان بن الحكم (المستعين بالله) يتولَّى الحُكم وكان غالبية جيشه من البربر

وبعد عام واحد من تولِّيه ثار عليه حاكم مدينة سبتة المغربية ويدَعى علي بن 

حمود وقد كان من البربر

وتقول بعض الروايات بأن البربر الذين هم عماد جيش سليمان المستعين بالله 

أرادوا الانقلاب عليه ووقعت معركة بين علي بن حمود وبين سليمان المستعين بالله 

فانتصر علي بن حمود وتولى الحكم في قُرْطُبَة وقَتَل سليمان وأخاه كي يضمن ألاَّ 

يثور عليه أحد ثم تولَّى الحُكم في البلاد وتَسَمَّى بالناصر بالله وتكونت الدولة 

الحمودية في قرطبة

استقرَّ الأمر للناصر بالله علي بن حمود فبدأ بذلك عهد الدولة الحمودية في قُرْطُبَة

وقام بتعيين أخيه القاسم بن حمود على إِشْبِيلِية وأصبح البربر هم الخلفاء الذين 

يتملَّكُون الأمور في قُرْطُبَة وما حولها

غير أن الأمور لم تهدأ فكلما نُصِّب حاكم في قُرْطُبَة ثار عليه القرطبيون إن كان من 

البربر أو لم يستطع ضبط الأمور إن كان أمويًّا

لقد انتهى عهد الرجال الأقوياء من بني أمية ولم يبقَ إلاَّ ضعيف الرأي والعزم

 وقامت بعد ذلك صراعات كثيرة واستمرَّ الوضع على هذا الحال

وفي محاولة لحلِّ هذه الأزمة التي تمرُّ بها البلاد ووقف هذه الموجة من الصراعات 

العارمة

اجتمع العلماء وعلية القوم من أهل قُرْطُبَة ووجدوا أنه لم يَعُدْ هناك من بني أمية مَنْ 

يَصْلُح لإدارة الأمور

وكان زعيم هذا الرأي قاضي قُرْطُبَة البارز وصاحب التاريخ والخصال

أبا الحزم بن جهور

لقد كان أبو الحزم هذا من علماء قُرْطُبَة كما كان يشتهر بالتقوى والورع ورجاحة 

العقل وظلَّ الحال على هذا الوضع ما يقرب من ثلاث سنوات

كوَّن ابن جهور مجلسًا للشورى لإدارة البلاد لكن حقيقة الأمر أن أبا الحزم بن جهور 

لم يكن يُسيطر هو ومجلس الشورى الذي معه إلا على قُرْطُبَة فقط من بلاد الأندلس

أمَّا بقية البلاد والأقاليم الأخرى فقد ضاعت السيطرة عليها تمامًا وبدأت الأندلس 

بالفعل تُقَسَّم بحسب العنصر إلى دويلات مختلفة ليبدأ ما يُسَمَّى بعهد دويلات الطوائف 

أوعهد ملوك الطوائف

أن مساحة الأندلس كانت ستمائة ألف كيلومتر

فإذا طرحنا منها ما أخذه النصارى في الشمال فإن النتيجة هي أربعمائة وخمسون ألف

كيلومتر مقسمة إلى اثنتين وعشرين دولة

كلٌّ منها لها مقومات الدولة المتكاملة من رئيس وجيش ووزراء وعملة وسفراء

فتفتَّتَ المسلمون في الأندلس تفتُّتًا لم يُعهد من قبلٍ في تاريخهم

وفقدوا بذلك عنصرًا مهمًّا جدًّا من عناصر قوتهم وهو الوحدة

ولو كان العنصر العربي الاسلامي الذي ظهر في فتوحات ابي بكر وعمر وعثمان 

كان بارز في فتوحات الاندلس بما يميزه من تقدير لقيمة المعلم 

وبما يميزه من القدرة على التغيير باسم المعايشة لربما تغيير الامر 

ولم تنجح حركة ما يسمى باسترداد الاندلس

أضف الى ذلك أنه في لحظة من اللحظات تم التعامل مع الاندلس على اعتبارها 

أنها جزءاً معزولا عن جسد الخلافة في المشرق وهذا له تأثير كبير في سقوط الاندلس

الخلاصة :

إن ما قام به الامويون من خير للإسلام هوعظيم

لكن الشيعة الرافضة وراء كل تشويه للخلافة الاموية ويردد كلامهم الليبراليين

اللهم أعز الاسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين

 

orent

ابوعبدالعزيز



.