الاثنين، 7 فبراير 2022

لا تُنْكِري وَضَحَ المشيب

 






لا تُنْكِري وَضَحَ المشيب

لا تلوموه فإنّ اللّوْمَ يوجعه  ***  قد بلغ به العشق والهيام حده

يكتم حبه خوف الشامتين به *** فأضفى على وجهه الكريم حياؤه

قد راعه حباً مرّ به في صغره  ***  ليت لي أمر يزيل ارتياعه 

صحا الحب فيه طهراً وعفة *** من شمائله وورد حبه فاح عطره  

قد كان يرجوا مني وصاله  ***  وزاد نصحي له أن ظنّه ضده

***

وَقُلتُ له حينَ لَجَّ بِه الهَوى *** الامر لله ما لَهُ نَدَمُ بعدَ فِعْلِهِ

وَأنّي ما اعتَذَرْتُ إلَيْكَ ولكن *** خط الجمال بقلم الريحان عذره

بكيت على وجه زين الحسن *** مِلاحَهُ وقلت لنفسي حين فارقته

لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ *** أو ساقياً َسَقاهُ الحب بكأس فرواه

أو كنت أول من كلف بحبه *** لما شكى قلبي اليوم اِنْقِطَاع لقياه

أوكنت شجي البال والقلب *** بالهوى وما أشْجاهُ الحب وابتلاه   

***

ألا إيها القلب الذي قادهُ الهوى لنا *** لا تقطع ودّ من وددتُ ودّه

ولا يفرق العشق بيننا صلة  ***ما كنت من يدخل الغَرَام فُؤاده  

وتَبْرِير عذري إلَيْكِ مُبَرِّر *** يا أطهر قلب عرفته ولمسته

لا تُنْكِري وَضَحَ المشيبِ فإنِّما *** هُو زَهْرةُ على الخدود لبابه(1)

هذا خِياريّ وحاشا أن أخيب به *** امْرِئٍ وسواكِ يخيب فيما ابتغاه

***

أفدي المودعة التي كان الفراق *** لِزَام علينا ولم تكن ترضاهُ 

حَمَى اللَهُ مَن وَدَّعتُهُ ضحى *** وأحرقني ألم الفراق وداعه

وقلت لقلبي حين فارقته لقد *** فارقت يا قلب من فارقت وصاله

ومددّت أكف الوداع وودعته *** وقضى الله بعد الاجتماع فراقه

***

لم أَنسَ منه نَظرَةً حينَ ودعته *** كمن فاته شيء يرجى ارتجاعه

فوقفت اُتبعُه نَّظرةً أزودها *** لأُوَدَّع رَوحاً بَينَ لَحمي وَعظُمه

ودعته واخفيت عنه لوعتي *** خوف تدَحْرَج دمعة من العين نازلة

وسرت خطوة والتفت نحوه  ***  ومن محياه ودعتني بابتسامة حانية

orent

ابوعبدالعزيز


1-   لبابه: أي الخالص المختار من كل شيء، سيد القوم ويقال: "هي لبابة القبيلة" أي خيارهنَّ

والبابة: قلب الثمرة وما في جوفها


 إن الله خلقنا من نفس واحدة‏ رجل وامرأة

تجانسا‏‏ فحنين الشيء إلى مادته وتجانس المادة بجنسها

والزواج مثل كل نعمة يهبها الله لمن يشاء

وثمرته الإنجاب وهذه الثمرة زينة الحياة الدنيا

فيهب لمن يشاء الإناث ويهب لمن يشاء الذكور

ويجعل من يشاء عقيما

هو رزق من أرزاق الله سبحانه التي لا يملكها إلا هو

قد يبتلي الله المرء بعدم الزواج وتأخّره

حينها يلزمه أن يصبر على ذلك ويحتسب أمره عند الله  

لإن المؤمن مبتلى وإن الله اذا احب قوما ابتلاهم ليختبر ايمانهم

وكل أمر المؤمن خير

والابتلاء يأتي بأشكال وصور مختلفة

ليرى الله مدى صبرهم وتحملهم وقوة ايمانهم

ومن هذا البلاء عدم الزواج

فمن ابتُلي بعدم الزواج أو تأخّره 

عليه أن يصبر على ذلك ويحتسب أمره عند الله

 والمؤمن يتقلب في الدنيا بين حالين

إما السراء فيشرع له الشكر أو الضراء فيشرع له الصبر

وأنا في هذه القصيدة أرسم صورة عن معاناة المرأة ومشكلاتها الحياتية

بعد سن الأربعين ألتي يفترض أن لديها نقصُ ومعاناة من الزواج في هذا السن

فأنا أدق ناقوس الخطر لعل هذه الكلمات 

تكون البلسم الشافي والدواء الكافي 

الذى يشفى من سلبيات الزواج اليوم

ويخلص الفتاة من العنوسة قبل حلولها

وقبل فوات قطار الزواج بتجاوزها سن الأربعين

ثم ترى قطار الخمسين يقترب منها

خصوصاً أن وصول المرأة لسن الأربعين الذي لم تتزوج فيه

يولد أزمة لديها ويدق ناقوس الخطر البيولوجي للنساء 

اللاتي لم يرزقن بأطفال ذلك أن المرأة تقترب من العقم بهذا السن

إن تأخر الزواج لهذا السن بالنسبة للمرأة 

تصبح فيه مدرجة تحت يافطة (العنوسة)

وتبدأ نظرات المحيطين بها والتي لا تخلوا من الشفقة

وهذه النظرات كالسهام الموجهة لقلبها من الأخرين

لمجرد ان قطار الزواج قد فاتها

 عليها ألا تفكر في الأمر إذا القطار قد مضى

ولابد ان نعرف جميعاً أن تأخر المرأة عن الزواج له أسباب

ويجب أن نضع له الحلول

قد يكون لأولياء الأمور دوراً أساسياً في هذا التأخير

وفي الغالب يكون للمرأة الدور الأكبر في عدم الزواج أو تأخره

وذلك بإسناد أمور الزواج إليهن وهن يجهلن مقاصد الزواج الشرعي

بوضع شروطاً خيالية في الزوج من قبل البنت وأمها

الفتاة تريد الكثير من المواصفات المثالية في شريك الحياة

كالوسامة والجاه والمال وغيره من الشروط والمعايير العالية

التي تضعها لشريك حياتها

وهذا الأمر قد يؤدي إلى إعاقة زواجها وتأخيره كثيراً

فكم من شاب تأخر في الزواج بسبب رده من عدد من الآباء للأسباب السابقة

وكم من فتاة كَبُرَتْ فِي السِّنِّ وَعْنَسَتِ بسبب هذه المفاهيم

وجلست حبيسة جدران بيت أبيها حسيرة كئيبة

تندب حظها وتتأسف على زوال شبابها

وبدون زوج يسعدها وأطفال يدخلون البهجة على قلبها

فأصبحت كلمة عانس مثل الجبل العظيم الجاثم على صدرها

أن هذه الشروط من قبل البنت وأهلها هو أحد الأسباب في تعنيس الفتيات

وهناك أسباب أخرى تؤدي إلى تأخر الزواج عند الفتيات مثل :

1-   غلاء المهور وتوابعها

2-   عمل الحفلات الباذخة في القصور الفارهة أو الفنادق المشهورة

وكله من باب الإسراف المنهي عنه

3-   عدم تزويج البنت الصغرى قبل أختها الكبرى 

فمازالت بعض العائلات في المجتمعات التقليدية 

تمنع زواج البنت الصغرى قبل أختها الكبرى وتعتبر ذلك الزواج من قبيل العيب 

وقد تنتج عن ذلك مشاكل بين الأب والابنة

فالأب في نظرها حال بينها وبين سعادتها لرفضه زواجها

4-    ردّ الخاطب الكفء بسبب أن بعض الفتيات يرغبن إكمال تعليمهن 

وحصولهن على الدرجات والشهادات العليا وانغماسهن في تحقيق هذه الأهداف 

التي قد تكون سبباً أو عاملاً مؤثراً في تأخر الزواج للفتاة إلى ما دون سن العنوسة

5-   دور السوشال ميديا وما يرد فيها وأنها العائق والعقبة الأكبر 

أمام الفتيات في عصرنا الحالي حيث إن الفتيات أصبح قداوتهن تلك المشهورات 

اللواتي يقلن لا نتزوج إلا بفارس أحلام يشبه ذلك الذي في القصص 

وكأنه يحمل لها عصا سحرية

إن الشارع الحكيم طالب أولياء النساء بتيسير أمر الزواج

تحصيلاً للمصالح و درءاً  للمفاسد

قال النبي ﷺ

(إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه

إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)

لان تأخير الزواج بدون سبب مقبول شرعاً مظنة للفساد وبوابة للشر

والواجب على أولياء النساء أن ييسروا سبل الزواج

قال صلى الله عليه وسلم :

(إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها)

فيستحب أن يكون المهر ميسراً وتكون وليمة للعرس مبسطة

ويعلن الفرح بالنكاح

ويستحب للنساء ضرب الدف والغناء الذي لا محظور فيه

لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت)

إعلانا لهذا النكاح

ويدعى إليه الأقارب والجيران لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن عوف :

(أولم ولو بشاة) متفق عليه

كان آبائنا وأمهاتنا زواجهما فيه من البساطة الشيء الكثير

وكان الطلب من الله التوفيق هي الغاية الاسمى في ذلك الوقت 

وكانت المهور ميسرة بمهر يسير

وحفلة زفاف مبسطة ومعقوله لا تقتير ولا إسراف

وكان التكاتف الاجتماعي موجود مع البساطة فيه من جميع النواحي

والزواج قائم على الاتفاق والتيسير بين الزوجين

أما اليوم تجد الفتاة تعكف على اختيار قاعة الزفاف والفستان

والترتيبات والتنسيقات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي

بتكاليف عالية مبررين ذلك 

أن الزواج اليوم مختلف عن الحقب الزمنية السابقة

فالمتطلبات في السابق مختلفة تمامًا عن ماهي عليه اليوم

فالاحتياجات في هذا الزمن هي التي تضع العوائق وليس الفتيات

تقول أحدى الفتيات :

نحن كفتيات نطالب بمهور مرتفعة بسبب :

1-   ترتيبات حفلات الأعراس فالمهور المرتفعة لها ما يبررها

ولا نرى نحن الفتيات فيها أية مبالغة فلا بد أن يستوعب الشاب 

بأن العروس لا تطلب زيادة المهر من غير مبرر 

فأنا لا أؤيد أن أعيش في زمن غير زمني 

ولا أقبل بزواج دون المستوى مقارنة بأقراني

2-   ارتفاع الأسعار في الأسواق وأسعار الصالونات وفساتين الأفراح

3-   تعتبر ليلة الزواج  من الأساسيات فهي ليلة العمر 

ومن الطبيعي أن تصنع العروس من ليلة زفافها الوحيدة ليلة لا تنسى 

بغض النظر عن التكاليف لأنها لن تتكرر

هذا الكلام مردودٌ على صاحبته بأنه مكرِّر وتقليد أعمى للآخرين

ويرددونه كال ببغاوات ويظهر عند كل مناسبة زواج

ونكون كمن يدور في حلقة مفرغة 

نعود لمسألة تأخر الزواج عند المرأة ونقول :

على المرأة الا تحزن وتلوم نفسها على شيء قدره الله لها

قد يكون تأخر الزواج خيرا لها من الزواج برجل سيئ الخلق

فلو تخيلت المرأة مدى المعاناة التي ستعيشها مع هذا الرجل

لفضلت العيش دون زواج طوال العمر

إن تأخر الزواج او عدم الزواج ليس نهاية المطاف

فلابد ان تعلم المرأة حقيقة هامة الا وهى :

ان الحياة لا تتوقف على هدف واحد لم تستطع تحقيقه

فلابد ان تمارس المرأة حياتها بشكل طبيعي ولا تركز على ما فقدته

قد يسبب لها ذلك شعور بالقلق والخوف من فقدان ذلك الشيء  

لان الانتظار شيء قاتل عندما يطول وهذه حقيقة معروفة

والزواج ليس مفتاح السعادة

ولا يشعر المرء بالرضى او الفرح اذا لم يجد شريكا

وإن فقده لا يعني نهاية الحياة

وعليها أن تسعى لملأ هذا الفراغ الذي من شأنه التخفيف من معاناتها

ولملأ هذا الفراغ أقول لكل أخت فاتها قطار الزواج

لكي أختي الكريمة قدوة بأم الكرام " كريمة المروزية "

عالمة جليلة عرفت بطلب العلم والأخلاق العالية

اسمها أرتبط بصحيح البخاري " نسخة كريمة "

حيث ينقل منها أحيانا ابن حجر رحمه الله تعالى

وقد كتبت ترجمة لها في بعض نسخ البخاري تقول الترجمة :

جاورت أم الكرام " كريمة بنت احمد المرزوية " المسجد الحرام

ورحلت في طلب العلم مع والدها فالعلم لا يمكن تحصيله إلا بالرحلة

حفظت وروت وتعلمت وعلمت الحديث  

تتلمذ على يدها أكبر الفقهاء في عصرها

وصفت بأنها كانت محدثة فاضلة ذات فهم ونباهة

بل إليها انتهى علو الإسناد لصحيح البخاري ولم تفرط في منهجها

لذا لم تقبل أن ينتسب إليها الخطيب في روايته للصحيح

دون أن يقابل معها نسختها بنسخته وذلك بأن تقرا عليه ثم يقرأ عليها

وهي في خدرها من وراء حجاب

ولك أن تتصوري أختي الفاضلة الجهد الذي بذلته في سماعها للخطيب

فقد قرأ عليها في خمسة أيام  

لقد استطاعت كريمة بنت احمد المرزوية أن توف هذا الوقت للعلم

فقد عاشت مئة سنة وماتت عام 63 هـ ولم تتزوج

أسأل الله أن يخفف من معاناة الفتيات اللاتي لم يتزوجن

من نظرات الأخرين لهن سواء بالشفقة او بالتباهي ويصبرهن على هذا البلاء

ويخلصهن من النظرات السلبية من المحيطين بهن

والله من وراء القصد

orent

ابوعبدالعزيز