الخميس، 7 ديسمبر 2017

خليف المطفوق والشيخ ساجر .. قصة واقعية





خليف المطفوق والشيخ ساجر

هذه قصة مشهورة واقعية حقيقية من تراث شبه الجزيرة العربية

وموثقة بأبيات شعرية وهي قصة من قصص التراث الشعبي

وقعت احداثها مع الشيخ ساجر العنزي

وهذه القصة تصور حياة رجل بسيط اشتهر بانه نحس سيئ الحظ وأرفل

وسيئ الحظ هذا أسمه خليف الذي أشتهر:

بالطفاقة – والرفالة – والعجلة
   
والطفاقة : صفة تطلق على الشخص كثير الاستعجال

 كثير الحركة غير متزن ولا هاديء

ويقوم بتصرفات حمقاء أو أعمال غير مدروسة وغير محسوبة

وتكون النتائج غير جيده وسيئة ترجع على صاحبها بالمتاعب والخسارة

ويكون موضع سخريه أمام الآخرين

إن خليف وسوء الحظ تؤامان سياميان لا ينفصلان ويرفض أحدهما مفارقة صاحبه

وأليكم القصة يا سادة:

يقال أنه في يوم من الايام اراد قوم خليف وربعه أن يبحثوا عن الربيع

وقالوا: لن نأخذ خليف معنا لنحسه إذ لا فائدة ترجئ منه

وأسم خَلِيفُ عند أهل البادية مشتق من المُتَخَلِّف كما جاء في المعاجم العربية

وهو من يتخلف عن مرافقة الرجال سواءً كان ذلك في الغزو

أو في طلب الرزق بأن يبقى مع الخوالف

فقرر قومه تركه وحده هو وأمه في بيت الشعر وذهبوا عنه

وبعد رحيل قوم خليف أصبح وحيداً هو وأمه

فقرر خليف الذهاب الى أحد مجاوريه في البر الذي لا يبعد عنه كثيرا

وهو الشيخ ساجر الرفيدي العنزي الذي عرف عنه الكرم والحلم

وهو أحد شيوخ قبيلة عنزه ميسور الحال

فقدم خليف على الشيخ ساجر والشيخ لا يعرفه ولا يعرف أي شيء عنه

فقال خليف للشيخ ساجر:

إن ربعي ذهبوا عني وتركوني أنا وأمي وحيدين

وانا والله ما عندي عشى هذه الليلة ولا زاد أسد به جوعي وجوع أمي

قال له الشيخ ساجر على الرحب والسعة الله يحيك جب أمك وبيت الشعر وجاورنا

فضرب خليف خيمته بجوار الشيخ ساجر وكان الزمن في رمضان

والشيخ ساجر مشهور عنه القنص

وفي الغد قال الشيخ ساجر لخليف لعلك تخاويني الى الصيد

رحب خليف بالدعوة ورافق الشيخ في رحلة القنص تلك
 
كان للشيخ ساجر طير أسمه حطاب وكلب صيد أسمه خطاف 
أخذهما معه في تلك الرحلة
فلما قطعا مسافة في البر ظهرت لهم حباري فقام الشيخ وأطلق عليها الطير حطاب

وبدأ الطير يرتفع في السماء وينقض على الحباري وخليف يشاهد تلك الحركات

وبينما الطير في انقضاض على الحباري

 أخذ خليف بندقيته وصوبها نحو الحباري يريد صيدها فأصاب الطير فقتله خطأً

فقال الشيخ ماذا فعلت يا خليف قال والله يا عم هذا الي صار

أردت إصابة الحباري فأصبت الطير

فسكت الشيخ ساجر على فعل جاره وقال خير أن شاء الله

وواصلا المسير في تلك الرحلة

وبعدما قطعوا مسافة ظهر لهم أرنب فأطلق الشيخ ساجر كلبه السلوقي خطاف

وبدأ السلوقي يحوش الارنب عليهم وبينما السلوقي يحوش الارنب

قام خليف وأخذ رمح معه وهو سلاح قنص يستخدم من مسافات قريبة

وكانت القبائل تستخدمه في الحروب وفي رحلات الصيد

هذه المرة استخدم خليف الرمح بدلا من البندقية خوفا من قتل الكلب

فرمى الارنب وأخطأ الهدف وأصاب الكلب في مقتل فقتله

قال الشيخ ساجر لخليف وش سويت يا خليف قال والله يا عم هذا الي صار
 
فأصبح الشيخ ساجر مهموما بفقده طيره حطاب وكلبه خطاف

بسبب عجلة خليف وطفاقته وسوء تدبيره الارعن

فكظم الشيخ غيظه وقال خير ان شاء اليوم مالنا نصيب في الصيد

وهم بالعودة بعد أن فقد حطابا ًوخطافاً

وعاد الشيخ ساجر وخليف الى منزليهما ووصلا وقت العصر

وكانوا في شهر رمضان
  
فقام الشيخ بعمل أفطاره فجهز القهوة والتمر منتظراً أذان المغرب للإفطار

ووضع أمامه التنباك المحشو في العظم

وكان البدو قديما يستخدمون عظم ساق الخروف أو التيس لغرض التتنبك

وجعله كسيجار يحشونها بالتبغ ويدخنون كما هو التدخين اليوم

واعتيادها قديما لاعتقادهم ان السجائر والقهوة تزيد الشعور والنشاط والتركيز

حتى إن أحد شعرائهم يصف حاله مع القهوة وشرب الدخان فيقول:

لولا شراب العظم يومني أملاه *** أكويه بالجمرة ويكوي جروحي

مع دلة صفرا على النار مركاة *** أبصر بصبتها على كيف روحي

وقال شاعر آخر

ياما حلا الفنجال والعظم ولعان *** ومعطش يغذي خوى الراس عني

أما خليف فعاد لخيمته وقص لامه ما حدث معه عندما رافق الشيخ ساجر

في رحلة الصيد فأمسكت الام رأسها وقالت:

حسبي الله عليك وش سويت ما بقى الا أنك تقتل الشيخ ساجر

ثم قالت: الشيخ ساجر له حق علينا يجب ان تذهب له الان وتقبل رأسه وتعتذر منه

وبينما الشيخ ساجر جالس في خيمته ينتظراً الأذان ليفطر وامامه دلة القهوة والتمر

اذا بخليف داخلا عليه في خيمته يريد الاعتذار منه لما بدر منه هذا اليوم

فأقبل نحو الشيخ ساجر يريد تقبيل رأسه فتعثر فكب دلة القوة

فأرتبك خليف فتراجع للوراء فدعس على السبيل (عظم التنباك ) وكسره

هنا نفد صبر الشيخ ساجر وقال له :

يا خـــليف لقد ذبحت الطير والسلوقي وكسرت سبيلي وكبيت الدلة

يا خليف خذ كل ما تبي مني بس ارحل عني

ثم أنشد الشيخ ساجر هذه الابيات :

البارحة بالليل مـا تريـد حالي *** قضيت انا ليلي حزين ٍ ومحتار

مصيبة ٍ مـا شفتهـا بالليالي *** يا تقل يوهج بالضماير لهب نـار

مصايب ٍ جنّي مـن اول وتالي *** أربع مصايب لوعني من الجار

الأوله حطـاب يعـدل عيالي *** أشقر عديم ولا برق الريش نثار

والثانية خطاف ما له مثالي *** شره ٍ عل تيس الجميلة ليا نار

والثالثة سوّيت صفـر الدلالـي *** وقصرتها وفاحت علي بن وبهار

والرابعة بالعظم تتـن الشمالي *** وافلست منهن حين حزّات الافطار

يا ليت جتني قوم وافنت حلالـي *** اصبر على مر الليالي والاعزار

من صرت انا مهزابة للرجالي *** وكم واحدنً هدمت بيته على النار

جيته بربع يبعدون المدالي *** سباع بر فوق نزاع الازوار

قدة السبايا مع فجوجن خوالي *** وخليت غارتها على القوم تنهار

ما شفت مثل خليف قليل والي *** من خلقة البدوان ما مثلها صار

وكما يقال أن لكل زمان ومكان خَلِيفُ

الا أن الشيء الجميل والحسن في شخصيّة خَلِيفُ حُبّه لمساعدة الآخرين

والرغبة في الأعمال التطوعية الخيرية

لكن هذه الشخصية نادراً ما تجيد ما يسند اليها من اعمال ومهام

بل أنه ينتج عن أفعال تلك الشخصية نتائج وخيمة غير سليمة

وفي المقابل اذا انتقدنا شخصية خليف فأننا نثني على خلة جميلة في الشيخ ساجر

والمتمثلة في حلمه وصبره

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس المنذر بن عمرو

(إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ)

بارك الله في الجميع

orent

ابوعبدالعزيز




.

.