الاثنين، 22 فبراير 2021

معلمة القرآن



قالوا ما نكحت

قلت بكراً طاغية الانوثة(1) ***وحديثها ذو شَجنٍ على أشجانِ(2)

ريم في عقدها الثالث وبدر *** ما شابه أعراض نقصانِ

بَيْضَـةِ خِدْرٍ(3) لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَا(4)*** لؤلؤة مَصُونةً بالأيمانِ

عفيفة الإزار باسقة المقام(5) *** سليمة الظنون صدوقة اللسانِ  

نبع الفضائل والتقى بها ***   تنشر الفضيلة وشَرِيعَةِ الرحمانِ

 
***

معلمة بين يديها الحق شعار *** والالهام ندى كفيها والايمانِ

عبقرية الفكر مآثر علمها مصباح *** شعشع نوره آفاقِ الأوطانِ

فأُشعلت منارة آمالاً توقد *** نوره فأسمعته البرية بلا كتمانِ

وأوقدت في الآفاق علماً *** وأنشأت أرواح في رحاب  الْقُرْآنِ

فما كلّت جوارحها وما ملّتَ  *** تغمر الأكوان في تَفَانٍ

****

قوتها في ضعفها(6) وتسود بلطفها *** وسلطانها في ولادة الانسانِ(7)

تسرق عيناها النوم من ارق *** فالأمومة عندها حُنُوّ وحنانِ

تنام عيناها وتبقى عاطفتها *** ساهرة )8( كأنما تحرس المكانِ

سحرها الصمت ومنه تولد ابداعها **** تخاله أن فيه بَرَاعَة وإتقانِ

افعالها الخير عبق الزمان عالق *** وأعمالها تعجز تطاله يد النسيانِ

****

قَالُوا إِنَّهَا نَصَفٌ (9) ذاهب طيبه *** قلت بقي أَطْيَبَ النصفانِ  

قَدْ طار غراب الشباب مرتحلا *** وحل مكانه العطاء(10) وَالْإِحْسَانِ

جعلت شبابها خلفها ونظرت *** امامها ولم تلتفت لماضي الزمانِ

ناقصة عقل ودين (11) واستقلال فكر *** ونقص عقلها ليس فيه نقصان

متصالحة مع نفسها وعمرها(12) *** عرفت خبايا نفسها من ثان(13)

****

قالوا ألا نكحت صغيرة *** تذكرك بماضي الزمانِ !!

قلت جربت حظي *** ولي تجارب أطياف وألوانِ

ماضً تولى ماله من عودة *** ذاك عمراً أفل يسير دون عنانِ

من يتزوج لتجديد شبابه (14) *** دهراً تولى لن يُعيده الزمانِ

فحب الكبار أحلَاهُ نضجاً *** حبهم فوق الخيال والوجدانِ )15)

تجدهم أكثر عطاءً طاويين *** صفحة الماضي بالنسيانِ

****

قالوا ما لقيت فيها *** من محاسن  وإحسانِ

  قلت كل خيراً ووداً ووئام  *** تَحَلَّتِ محاسنها بجمال الايمانِ   

عقل ورزانة وفكر متزن *** فَضُلتْ بحسنها كلَّ الحِسَانِ

شخص الفضائل والتُقَى بها *** رأيت فيها عزيمة تغمر الأكوانِ

ينبوع حب لم تبخل علي بثمين غالي *** كاملة الصفاة غالية الاثمانِ

تخاطبني بروحها وجسدها(16) *** سكبت في راحتي الحب والحنانِ

تروي شجرة حبها بإخلاصها *** عطرها الحب ملأ أرجاء المكانِ

تمضي علينا الشهور مسرعة **** فكأن شهرنا في دهرنا يومانِ

ولو من الاله علينا بخلفة ترانا *** فرحين كأنما أعطيت لنا الحياة من ثانِ

***

orent

ابوعبدالعزيز

شرح الكلمات :

(1) طاغية الانوثة : أي الزائدة عن المعتاد الملفتة للنظر التي تأخذ القلوب والألباب

 )2) يقال في المثل حديث ذو شجونٌ أي : فنون وشُعَب تتداعى

 )3) بَيْضَـةِ خِدْرٍ: أي انها تشبه البيضة في نعومتها وبياضها - وأمرؤ القيس هو أول من شبه النساء ببيضة النعام وهي من إبداعاته

(4 ) لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا: أي لا يمكن أن يقترب من بيتها ومسكنها أحد لكثرة من يحرسه ولحرص أهلها عليها
 والخباء هو المسكن

(5) باسقة المقام : أي عالية النسب

 
)6) قوتها في ضعفها : المرأة لديها قوة داخلية عجيبة تتمثل في قوة الارادة وصلبة في بناء بيتها وعدم تصدع اركانه
وتحافظ على بيتها وتربي اطفالها فما أجمل الانوثة وما أجمل المرأة التي تحتمي بزوجها

اما ضعفها يتمثل في نعومتها وصوتها الهادئ الحنون وخجلها
والسيادة هنا ليست بقوة البطش انما بالكلمة الحانية والابتسامة والرقة والحنان وحسن تبعلها لزوجها 

(7) سلطانها في ولادة الانسان : للمرأة سلطان فقد جعلت اماً  لكل مخلوق من البشر وهو ولادة الانسان

فالإنسان هو ثمرة المرأة أكثر مما هو ثمرة الرجل حيث ان المرأة تقاسي وتتعب في وجود الانسان

وتلاقي في ولادته من الاوجاع ما لا يمكن للرجل ان يتصوره

وعندما يكبر هذا الصبي لا يعرف سلطانا عليه غير سلطان أمه فهي التي تسوسه وتربيه وتقوم سلوكه

وتأمره وتنهاه فسلطانها عليه في الصغر قوي اقوى من الرجل
وقد روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنّه قَالَجَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟

قَالَ: أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبُوكَ  متفق عليه

 (8) تبقي عاطفتها ساهرة : تتصرف المرأة بعاطفتها وليس بعقلها فتجدها تتصرف بما تمليه عليها عاطفتها بدون تفكير وتضل ساهرة بجوار ابنائها اذا مرضوا وتسهر بجوار زوجها اذا اشتكى
وفي جميع امورها العاطفية تتصرف وفق عاطفتها وليس عقلها

(9) قالوا انها نصف : أي انها في منتصف عمرها وولى شبابها فما يرجى منها بعد هذا السن
 
(10) سن العطاء في الانسان لا نهاية له وقيل إن عمر الانسان يتشكل فسن الطفولة يتوقف عند 12 سنة وسن المراهقة يتوقف عند 17 سنة وفي عمر الثلاثين يكون نهاية سن الشباب اما سن العطاء في الانسان لا نهاية له فلا يتوقف

(11) ناقصة عقل ودين : جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال :ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن هذا الحديث ليس فيه إهانة للمرأة أو التقليل من قدرها وشأنها انما بين طبيعة المرأة من حيث التكوين التي تغلب عليها عاطفتها التي تناسب مهمتها في الحياة وهذا النقصان الذي في ظاهره انه  نقصان لكن حقيقته انه ليس فيه نقصان وهذا ليس عيبا انما ميزة للمرأة لتناسب مهمتها في الحياة ولا يعني طعناً في فكر المرأة وذكائها وقد ورد في السير كثيراً من التراجم للنساء المسلمات مما يدل على رجاحة عقلوهن وحسن تصرفهن كما حصل مع ام سلمة في توقيع صلح الحديبة الذي جعل في هذا الصلح فتح مكة حيث أشارت ام سلمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشهورة اخذ بها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم

(12) متصالحة مع نفسها وعمرها :أي انها تشعر بتوافق تام مع نفسها وتعيش في هدوء وراحة بال ولم تعش حياة الاضطراب والقلق والخصام مع النفس

(13) عرفت خبايا نفسها من ثان: أي عرفت ما تخبئه نفسها من امور حياتها السيء والجميل واستطاعت ان تتكيف مع نفسها بالشكل الصحيح مرة أخرى

(14) ) ان من يتزوج من كبار السن بصغيرة حرصاً منه ان يظهر امام الاخرين انه لايزال شاباً تعود لعوامل نفسية افتقدوها في زواجهم الاول أما من يتزوج من امرأة قريبة من عمره مبرراً زواجه منها لكي تؤنس وحدته وترعى شئونه وتقضي احتياجاته فلا بأس ومن تجارب ممن تزوجن من ازواج قريبة اعمارهم من بعض وجدن السعادة والمودة خصوصاً ان الرجل في سن الخمسين او الستين ممن يملك الذكاء وروح الشباب فأن هذه الصفاة تسهم في نجاح الزواج

 (15)  الوِجْدَانُ : هو الشوق العاطفي مشتق من الوجد، ويقال وجدان المرء في نفسه وقواه الباطنية وما يتأثر به من لذة فهو يُطلَقُ على كلِّ إِحساس باللَّذَّة  والشوق: هو الحب والاشتياق والهوى والميل إلى المحبوب  ونزوعُ النَّفْس إِلى المحبوب و تَعَلُّقها به

(16) تخاطبني بجسدها: للمرأة حركات تقوم بها بجسدها ابلغ من كلامها مثل تعبيرات الوجه او نبرة الصوت او الابتسامة والدلال لان التواصل بين الزوجين لا يتوقف على نطق الكلمات فقط  بل قد تكون حركات الجسد اقوى تعبيراً وأبلغ من الكلام فحركات الجسد صلة قوية للتعبير