الثلاثاء، 3 يناير 2017

يا خادم الحرمين جزيت خيراً


وافق يوم أمس الأحد 3/4/1438هـ 
الذكرى الثانية لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود
ملكاً وقائداً للمملكة العربية السعودية
وبهذه المناسبة
أهدي هذه القصيدة مع خالص التهاني والتبريكات لمقام مولاي خادم الحرمين
الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله 
ولسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز 

يا خادم الحرمين جزاك الله خيراً

من أي أبواب الثناء أدخل *** وبأي ابيات القصيد أعَبَر(1)
أمن باب الْعِرْفَان والإمتان  *** أم من ملك مَساعيه الخيرةَ للبر
فما عساي أقول في قصيدة *** وبأي بلاغة وفصاحة أعَبَّرَ (2)
***
إن قلت شعراً أَخْفَقَ(3) الحرف *** يمدح لإضافة فَبِكَ الأشعارُ تفْخَر
ويُكِنُّ (4) الحرف أنا يحيط *** القصيد مدح عُلْياك (5) نظم الشِّعْر
أو نظمتُ حرفاً تعطرت الحروف *** وشرفت الكلمات مدحك الفِكَر(6)
أوقلت مدح اهدي لك مدحي  *** بسبك المعاني(7)بشعر مني تفجّر
ولئن أثنيتُ حمداُ واطريت مدحاً*** سأثني عليك ثناءً طيب عطر
لكن قولي جُزيت خَيْرًا أبْلَغَ ثَّنَاءِ *** رواية عن أمير المؤمنين عمر(8)
****
أبا فهد سَجَايَاكَ(9)مِنْ طِيْبِ أَعْرَاقِهَا *** تذكر بابيك فالشيء بالشيء يذكر
ملك حاز صفات ابيه حظاً *** صَّرْمُ السَّيْفُ(10)طَيِّبُ الإِزارِ(11)حكيم عصر
أخو الحزم لا يخش العدا  ***  دانت له الارض والبدو والحضر
قاسى الشدائد لم يأبه لقسوتها *** عزوم(12)لم تثن عزمه صروف الدهر(13)
***
سلمان (14) له حظ من معنى اسمه *** ويأخذ من صفاته وافق أسمه القدر(15)
تَعَوَّدَ بَسْطَ الْكَفِّ بالجود(16)حتَّى الفه***كِجود السماء لنبات الأرض زخّ المطرْ(17)
يعطي بلا حدود كسحابَةُ أبَنَّت (18) *** فأنبتت (19) الزرع فأينع واخضر
أنت علاج لالتئام الجرح باللين*** وبالحزم امناً اذا استعصى عليك جَهَدَ الأَمر(20)
***
ان انا لم اشكر لأهل الفضل  *** خيرهم بم ادركت الشكر (21)
واذا لم اثن على الخير صادقاً *** لم شق لي السمع والبصر
***
فليت شعري كيف أقول فيك  *** قصيدة يبقى ذكرها ما بقي الدهر
وان قصَّر شعري فأشكو اليك *** عذري ولي فيما اعتذرت عذر
***
جزاك الله ما جزا العابدين كل خير***ولا خير في شيئاَ يفارق عند القبر(22)
يدوم الفضل الجميل في اهله  *** سأدعو لك بالمغفرة مقرونة بطول العمر

orent
ابوعبدالعزيز

الشرح :
عندما يثار مديح الشعر يثار معه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حيث قال: (إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب)
والحديث صحيح رواه مسلم:
باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح
وهذا الحديث له ضوابط بينها العلماء في هذه المسألة من الايضاح
وهم الفيصل في ذلك
قال تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) سورة النحل
لقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم شعراَ ونثراً وفي الخطب ولم ينههم عن ذلك
ولم يحث في وجوه المداحين التراب
بل كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم شعراء مثل:
حسان بن ثابت، وسعد بن الزبير،عبد الله بن رواحة وغيرهم..
انما قال : لا تطروني في حديث جاء في صحيح البخاري:
( لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ )
أي لا تمدحوني بالباطل ولا تجاوزوا الحد في مدحي كما عملت النصارى
مع عيسى فمدحوه حتى جعلوه إلها
وهذا هو المقصود بإطراء النصارى لنبي الله عيسى حيث قالوا أنه إبن الله
أما مدح الرسول صلى الله عليه وسلم والثناء عليه دون الإطراء فمشروع ومطلوب
قال الله تعالى:
( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ) (الفتح-9)
وتعزيره تعني نصرته وتوقيره واحترامه والثناء عليه بما هو أهله
اما الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم فمنهي عنه
كالاحتفال بمولده وجعله شعارا وقربة وقول القصائد الشعرية في في ذلك الاحتفال
ومدح الرسول من الشعراء الذين عاصروه مثل حسان ابن ثابت الذي يدعى
بعد اسلامه بشاعر الرسول بقصيدة يقول فيها:

أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّة ِ خَاتَمٌ * مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ،* إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ
وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ،* فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ
نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَة ٍ* منَ الرسلِ، والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ
فَأمْسَى سِرَاجاً مُسْتَنيراً وَهَادِياً، * يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ
وأنذرنا ناراً، وبشرَ جنة ً، * وعلمنا الإسلامَ، فاللهَ نحمدُ
وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي،*  بذلكَ ما عمرتُ فيا لناسِ أشهدُ
تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْل مَن دَعا * سِوَاكَ إلهاً، أنْتَ أعْلَى وَأمْجَدُ
لكَ الخلقُ والنعماءُ، والأمرُ كلهُ،* فإيّاكَ نَسْتَهْدي، وإيّاكَ نَعْبُدُ

ما المقصود بالمداحين في هذا الحديث ؟
قال الخطابي في معالم السنن شرح سنن ابي داود وأعظم به من قول
قال: المداحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة وجعلوه بضاعة يستأكلون
به الممدوح ويفتنونه
فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن والأمر المحمود يكون منه ترغيباً له
في أمثاله وتحريضاً للناس على الاقتداء به في اشباهه فليس بمداح
وإن كان قد صار مادحاً بما تكلم به من جميل القول فيه

وقال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود :
والمقصود بذلك المدح الذي يكون بغير حق، أو يحصل به تضرر الممدوح
وذلك بكونه يؤثر ذلك فيه فيزهو ويتكبر ويترفع
وأما المدح بالحق من أجل أن يتبع الإنسان، ومن أجل أن يوافق الإنسان على ما
هو عليه من الخير، وعلى ما فيه من الأعمال الطيبة
فإن هذا لا بأس به بشرط ألا يحصل هناك ضرر على الإنسان

يقول المناوي في فيض القدير:
(احثوا التراب في وجوه المداحين) عبر بصيغة المبالغة إشارة الى ان الكلام فيمن
تكرر منه المدح حتى أتخذه صناعة وبضاعة يتأكل بها الناس
وجازف في الاوصاف وأكثر الكذب

كيف نجمع بين الاحاديث
ان طرق الجمع بين الأحاديث أن يقال إن كان الممدوح اهلا لذلك فلا بأس
وقالوا ايضاً ان كان النهي محمول على المجازفة ونحوه اذا سمع المدح
وأما من لا يخاف عليه ذلك لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته
فلا نهي في مدحه في وجهه اذا لم يكن فيه مجازفة
بل ان كان يحصل بذلك مصلحة كنشط الخير او الازدياد منه او الدوام عليه
والاقتداء به كان مستحبا

قال النووي في بيان فوائد:
قول الرسل للنبي صلى الله عليه وسلم: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح
وَفِيهِ جَوَازُ مَدْحِ الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ إِذَا أُمِنَ عَلَيْهِ الْإِعْجَابُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَسْبَابِ الْفِتْنَةِ
وفي شرح صحيح البخاري لابن بطال في شرح حديث (... إنك لتصل الرحم , وتحمل الكل...) قال:
وفيه جواز تزكية الرجل فى وجهه بما فيه من الخير
وليس بمعارض لقوله ( صلى الله عليه وسلم ):
إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب
وإنما أراد بذلك إذا مدحه بالباطل ، وبما ليس فى الممدوح

الخلاصة :
1-     قد يكون المدح مستحباً سواء كان شعراً أو نثراً
لان  مدح من يستحق المدح في حقه مثل ولي الامر هو إتاحة الفرصة للرعية
للتعبير عن حبهم لولي الامر وهذا بدوره يزيد اللحمة الوطنية
وهو ما يغيض اعداء المله والدين

2- ان الاعتصام بالجماعة والائتلاف وعدم الفرقة واجب على كل مسلم
وجاء في حديث مرفوع عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، قَالَ : " بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ ، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ ، وَأَنْ نَقُولَ أَوْ نَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنَّا لا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ
وَهَذَا حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ مَالِكٍ . وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَالِكٍ

3- قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز غفر الله له
بوجوب طاعة ولاة الامر في المعروف لان بهذه الطاعة تستقيم أمور الامة
ويحصل الامن والاستقرار ويأمن الناس من الفتنة
ثم قال في جواب أخر ان المراد بولاة الامر هم العلماء والامراء والحكام وذو السلطان
وقال عن اثر يروى معروف عن عثمان ابن عفان وعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما :
(ان الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقران )
لان بعض الناس ضعيف الايمان ولا تؤثر فيه زواجر ونهي القران

4- قال عمر ابن الخطب رضي الله عنه :
لا اسلام الا بجماعة ولا جماعة الا بأمارة ولا امارة الا بسمع وطاعة

5- قال الفضيل ابن عياض:
(لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها الا في السلطان)

ونحن نقول السمع والطاعة لولي الامر خادم الحرمين الشريفين
الملك سلمان ابن عبد العزيز حفظه الله من كل مكروه وامد في عمره في طاعته
وصلى الله على سيدنا محمد


معاني الكلمات
1- أعَبَر: أي أسَلَكَ
2- أعَبَّرَ: أي أَوْرَدَ وأذَكَرَ وأَعْرَبَ
3- أَخْفَقَ : طلبَ حاجةً فلم يَظْفَرْ بها
4- أكنَّ الشَّيءَ كنّه : أي ستره وأخْفَاهُ وحفِظه وأضمره في نفسه قال تعالى ( وإنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وما يُعْلِنُونَ )
5- عُلْياك : من العُلوّ
6- الفِكْرَةُ : الصُّورَةُ الذهنيّةُ لأمر ما والجمع : فِكَرٌ
7- سبك المعاني : أي سبَك الكلامَ : أحسَن تَرْصيفه وتَهْذيبه وترتيبه ، وأحسن صياغتَه - المعاني : ما للإنسان من الصفات المحمودة ؛ يقال فلان حَسَنُ المعاني
8- (حديث موقوف)عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ :
( لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ مَا لَهُ فِي قَوْلِهِ لِأَخِيهِ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا  لَأَكْثَرَ مِنْهَا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ )
9- سَجَايَاكَ السَّجِيَّة : الطبيعةُ والخُلُقُ والجمع : سَجَايا
10- صَّرْمُ السَّيْفُ : أي كَانَ حَادّاً قَاطِعاً جَلْدًا ماضيًا في أمره
11- طَيِّبُ الإِزارِ أي طَيِّبُ القلبِ طاهرُ الباطن
12- عزوم : الذي يقدم ولا يتراجع عن عزمه والحزم  هو الشدَّه
13- صروف الدهر : أي نوائبه وشدائده
14- سلمان : أي السَّالم الخالي من الآفات والعيوب
15- وافق اسمه القدر: الأنسان له من أسمه نصيب فالأسماء الحسنة قد توافق القدر وأن من أسميت عليه فإن المسمى عليه يأخذ من صفاته سوآءا الخلقة أوالخلقية
ومن السنة أن يختار الإنسان لولده من الأسماء الحسنة فإن الأسماء المكروهة قد توافق القدر
16- الجُوْد: المطر الغزير الكثير العام في كل زمان وهو فوق مطر الدِّيمة الذي لا مَطَرَ فوقه وفي حديث الاستسقاءِ : حديث شريف ولم يأْت أَحدٌ من ناحية إِلاَّ حدَّث بالجَوْدِ وعند الأَخلاقيّين هو صفة تحمل صاحبها على بذل ما ينبغي من الخير لِغَيْر عِوَض أما جُودُ السماء : يقال جَادَتِ السَّمَاءُ: أي أَمْطَرَتْ بِغَزَارَةٍ
17- زخّ المطر: اندفع بشدّة وسقط غزيرًا
18- أبَنَّت السحابَةُ : أي دامَ مطرُها أَيَّاما
19- فأنبتت : أي نبت خرج من الأرض و نشأ ورَبا
20-  جَهَدَ الأَمر: أي بَالَغَ قال تعالى : ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ )الأنعام آية 106
21- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) سؤل الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله عن صحة هذا الحديث فقال هذا حديث صحيح ومعناه  أن من كان من طبيعته وخلقه عدم شكر الناس على معروفهم وإحسانهم إليه فإنه لا يشكر الله؛ لسوء تصرفه ولجفائه، فإنه يغلب عليه في مثل هذه الحال أن لا يشكر الله. فالذي ينبغي للمؤمن أن يشكر على المعروف وولي الامر اولى بذلك

22- أي خير الدنيا والاخرة من الاعمال الصالحة التي تكون مع المؤمن في قبره ففي الحديث يتبع ابني ادم ثلاث فيرجع اثنان ويبقى واحدة

orent
ابوعبدالعزيز
هذه مدونتي الاولى والثانية :
http://orent2.blogspot.com/
http://khdrees.blogspot.com/


..