الاثنين، 24 يونيو 2024

إبليس أَوَّل جُرْمِ السَّمَاءِ


إبليس أَوَّل جُرْمِ السَّمَاءِ  *** سَقَط عنه مَقَامَهُ ومقداره

ضلَّ على آدم في سجدة *** تعرَّض للغواية باختياره (1)

أبى أن يسجُدَ لآدم سجدة *** صغر بترفعه وأعمى الكبر أبصاره

حْبَطَ َعمَلَهُ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ **** ضيعها في لحظة حسد من نهاره

شطن عن أمر ربه *** طبعه التمرد والعصيان إزاره

قال أنا خَيرٌ مِن أَبيكُم آدم *** كان بدءا و في البدء ظهر افتقاره

الأرضُ مظلمةٌ والنارُ مشرقةٌ *** قالها بشار في بعض اشعاره (2)

أساء على الله في قوله *** مت يا حسود الطين أحرق ظلماء ناره

تنحى عن الملائك لست منهم *** أنت شيطان مارد وجب احتقاره

لو اراد الله خلق آدم نور *** يَبْهَرُ الْعُقُولَ ويخطف الابصار انواره

مكابر ذو مكر وخبث حبط *** عمله كفر لعصيانه واستكباره

صَغَّرَ بِتَكَبُّـرِهِ ووَضَعَ بِترَفُّعِهِ *** فأمه جهنم مسكنه وداره

orent

ابوعبدالعزيز

 

مدونتي الثانية :

https://orent2.blogspot.com/

مدونتي الاولى:

https://khdrees.blogspot.com/2014/04/blog-post_16.html


1- إبليس ليس من الملائكة فإنه ليس مجبراً على الطاعة

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : ( قال الحسن البصري :

" ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين وإنه لأصل الجن كما أن آدم عليه السلام أصل البشر

يقول الشيخ ابن باز

والمقصود من هذا هنا الدلالة على أن الملائكة عباد يخافون الله ويراقبونه

وأنهم لا يصلحون لأن يعبدوا من دون الله فهم عبيد مملوكون مقهورون

يصيبهم من الخوف والذعر ما يصيبهم عند سماع كلام الله

فعلم بذلك أنهم لا يصلحون للعبادة وأن غيرهم من باب أولى

يقول الشيخ الشعراوي:

وهكذا حسم الحق سبحانه الأمر بأن إبليس ليس من الملائكة بل هو من الجنّ

والجن جنس مختار كالإنس يمكن أن يُطيع ويمكن أن يَعصِي

وكونه سَمِع الأمر بالسجود فمعنى ذلك أنه كان في نفس الحَضْرة للملائكة

ومعنى هذا أنه كان من قبل ذلك قد التزم التزامًا يرفعه إلى مستوى الحضور مع الملائكة

ذلك أنه مُخْتار يستطيع أن يطيع ويملك أن يعصي

ولكن التزامه الذي اختاره جعله في صفوف الملائكة

وقالت كتب الأثر: إنهم كانوا يُسمُّونه طاووس الملائكة مختالًا بطاعته

وهو الذي وهبه الله الاختيار لأنه قدر على نفسه وحمل نفسه على طاعة ربه

لذلك كان مجلسه مع الملائكة تكريمًا له

لأنه يجلس مع الأطهار لكنه ليس مَلاكًا

 

2- يقول بشار بن برد الذي اتهم بالزندقة وَقِيْلَ: كَانَ يُفَضِّلُ النَّارَ وَيَنْتَصِرُ لإِبْلِيسَ

الأَرضُ مُظلِمَةٌ وَالنارُ مُشرِقَةٌ *** وَالنارُ مَعبودَةٌ مُذ كانَتِ النارُ

ويقول أيضاً :

إِبليسُ خَيرٌ مِن أَبيكُم آدَمٍ  *** فَتَنَبَّهوا يا مَعشَرَ الفُجّارِ

إِبليسُ مِن نارٍ وَآدَمُ طينَةٌ  *** وَالأَرضُ لا تَسمو سُمُوَّ النارِ


للشيطان تاريخ قديم مع الشعر ومن أدب الجاهلية قصة أولئك الشياطين الذين يصحبون

الشعراء ويوسوسون لهم بدقائق المعاني وخفايا الأفكار

التي لا ينفذ إليها الناس بغير معونة الجن

ونعلم من شعر النابغة أن الجن هي التي بنت لسليمان بن داود هياكل بعلبك كما قال:

إلا سليمان إذ قال المليك له *** قم في البرية فأحددها عن الفند

وخيس الجن أني قد أذنت لهم *** يبنون تدْمُر بالصفاح والعمد

وقد كان أرباب الفصاحة كما قال أبو العلاء:

كلما رأوا حسنًا عدوه من صنعة الجن

وعلماء النفس يقولون أن التمرد عريق في طبيعة الإنسان

وهذا ابو نواس كثير اللهج بذكر الشيطان وكثير التعويل عليه في غوايته ومغامراته

إن شيطان أبي نواس هو الشيطان الذي يريده أبو نواس

أو هو الشيطان الذي يلزم أبا نواس

ناديتُ إبليس ثم قُلْتُ له *** لا تسق هذا الشراب عذالي

وإبليس في صورته عند أبي نواس تياه خَبيث:

عجبتُ من إبليس في تيهِهِ *** وخُبث ما أظهر من نيَّته

وهو عنده ظريف يعينه على فساده:

لم يرضَ إبليسُ الظريف فعالنا *** حتى أعان فسادنا بفساد

وله ابيات لا يصح ذكرها هنا

الا انه آخر حياته قد تاب

وكتب أبو نواس على ورقة تركها تحت فراشه قبل وفاته قال فيها :

يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً *** فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ

إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ *** فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ

أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً *** فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ

ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلّا الرَجا *** وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ


بارك الله في الجميع

orent

ابوعبدالعزيز




.


****