روميَّةُ
الأصلِ
قُلتِ: صِفني، فإني في
بيانِكَ واثِقٌ *** ألستَ تُنْشِدُ للشِّعْرِ السّويِّ قصيدا؟
فقلتُ:
بلى، قد أطاعَ الشعرُ مُلهمتي *** لأرفعَ المجدَ فيكِ الحسنَ تمجيدا
أنتِ التي وصفُها
دونَ المدى عَجِزَ الهوى *** وفيكِ جمالٌ فاقَ كلّ حدودا
أنتِ الجمالُ،
وفيكِ الحسنُ متّصلٌ *** برهان اللهُ في خَلقِهِ قد مدا (1)
أنـتِ التي فوقَ
الوُصوفِ بمَنزلٍ *** فَدَتكِ جُدودٌ عزُّها الذي لا يُبيدا
معنَى الجمالِ،
وكلُّ حسنٍ في الورى *** تجمَّعَ فيكِ، حُسنُ زادَ اتّقادا
✦✦✦
جمالُ ليس في
زِيٍّ تُزخرفُهُ *** لكنّهُ الخَلقُ، قد زادَ الكريمُ وُدّا
كأنكِ سِرُّ
حسنٍ من الحسن *** ولا يُرجى بَديلا من الرحمن غرادا
ولِيَتْ شِعري يُطيعُ
مشاعري *** فأرفعُ فيكِ المجدَ جيلاً جديدا
رُوميّةُ الأصلِ، أمريكيّةٌ، وَلَهَا *** من الْحَياءِ بَريقٌ يَسْلَبُ
الفؤادا
مهفهفة وضاح خدها الناضر *** ووجه صبوح وعينان سودا
مهاةُ عينٍ، براق وجهها *** وفي جبينها نُورٌ يُضيءُ السجودا
هجرتِ دينَ
الذين الغَوا بنبيّهمُ *** وقالوا: هو الإلهُ، ضَلُّوا سُجودا
بل إنّما هو
عبدٌ للرحيمِ، أتى *** بوحيِهِ، ناصحًا، بالحقِّ مَعبودا
كذبوا على الله
قولًا هزّ جبالهمُ *** ولو تَفكّروا، لارتَدّوا رُشْدا قُعودا
وقلتِ:
حاشا إلهي أن يكون لهُ *** ولدٌ، تعالى عن الأكاذيبِ جُودا
قد ضلّ قولُهمُ،
فليسَ عيسى *** ابن مريم إلّا رسولًا بالنبوّةِ مُؤيَّدا
فوحّدتِ ربَّكِ،
ترجينَ الرضا أملاً *** وصارَ قلبُكِ بالإيمانِ مَسعودا
✦✦✦
فآمنتِ باللهِ العظيمِ مُوَحِّدَةً *** ورُمتِ رِضاهُ،
ورُمتِ منهُ وُدّا
واخترتِ دينَ
محمدٍ، وكِتابَهُ *** فجزاه رب العرش خيراً ومجدا
جاءَ يُنذِرُ
بالنارِ التي اتّقدتْ *** ويُبشّرُ المُؤمنينَ بالجنة خُلودا
أتيتِ لمكّةَ،
ترجينَ الإلهَ مخلِصةً *** فسَعيُكِ عندَ اللهِ حَقًّا
محمودا
ولبِستِ ثوبَ
العِزِّ، ثوبَ كرامةٍ *** وقلتِ: ما سواهُ في الدّينِ مَردودا
فقلتُ: إيّاكِ أن
تَنقضي بناءَ هُدىً *** فما بنَيتِ هنا، في الخُلدِ موجودا
✦✦✦
وقلتِ: لَيْتَ الهوى ما زارَ قلبي غيرَكِ *** فأهديكَ قلب حبَّ صدقٍ
مُؤبَّدا
وما خفقت روحي
لغيرك ابداً *** ولا دنا من سواك القلب مقصودا
فقلتُ: ذاكَ من المولى، وليس منّي *** هو من هداكِ، فكوني دومًا لهُ عَبْدا
وقلتِ:
ليتني ما أحببتُ غيرَكِ في الدُّنا
*** وما ذُقتُ حبًّا مثلَ هذا مُؤبَّدَا
وليتَ فؤادي ما أحبَّ سواكُمُ *** ولا عهدَ قلبٍ كان غيركَ أبداً
مَعقودا
فقلتُ: هوى لا يشبهُ
الناسَ نبعُهُ *** وفيكِ وجدتُ الحُبَّ صدقًا مُجسَّدَا
أحبُّكِ إيمانًا
وعقلًا وعاطفةً *** إذا ما الهوى ضلَّ السبيلَ تردّدَا
فقلتِ: أرجو إلهي أن يُديمَكَ نعمةً *** وأن يجعلَ المعروفَ بينَنا مَمدودا
فقلتُ: أرادَكِ اللهُ، لا قلبي اختارَكِ وحدَهُ *** وأنت التي أريد في الخلد
ودا
فسِيري على نهجِ اليقينِ بثابِتٍ *** فما دامَ فينا الحقُّ، ما خِفنا
جُحودا
فقلتِ: بل هوَ مِقدارٌ تَجلّى هُدايَةً *** وأنتِ للروحِ نورٌ زادَها وُدّا
سألتُ إلهي أن
يُديمَكَ نعمةً *** وأن يجعلَ الإيمانَ بينَنا مُؤيَّدا
وأن يجمعَ
الأرواحَ في طُهرِ مِلَّةٍ *** ويجعلَ التوحيدَ فينا له عهدا
فقلتُ:
آمينَ يا نورَ اليقينِ وروحَهُ *** سنبقى على دربِ الهدى أبداً زُهدا
✦✦✦
فما الحبُّ إن
لم يقترنْ بخشوعِهِ *** ولا العهدُ إن لم يُرتضِ اللهُ شهدا
وصِرْتِ نِعْمَ الهديةِ
من إلهي لِي *** بها اطمأنّ الفؤادُ، وزادَ توحيدا
فمن كان للهِ
الهُدى مُبتغاهُ *** فكلُّ الدروبِ لهُ تُضيءُ تَعَبُّدا
فيا
إلهي، وأنتَ العالمُ الأبدُ *** اجعلْ لنا في طريقِ الحقِّ تأييدا
وارزقْ
قلوبًا إذا ما زاغَ صاحبُها *** عادتْ إليكَ تُقِرّ الذنبَ تَوْبيدا
وهِبْ
لَنا من نِساءِ الأرضِ مؤمنةً *** ترجوكَ صدقًا وتبني الدينَ تمجيدا
واجعلْ
ختامَ الهُدى حُسنًا ومرحمةً *** فنلقَ وجهَك في الجنّاتِ تَسْعيدا
1- 1- قد أبدع
orent
أبو عبد العزيز