السبت، 14 يونيو 2025

روميَّةُ الأصلِ

 


روميَّةُ الأصلِ

قُلتِ: صِفني، فإني في بيانِكَ واثِقٌ *** ألستَ تُنْشِدُ للشِّعْرِ السّويِّ قصيدا؟

فقلتُ: بلى، قد أطاعَ الشعرُ مُلهمتي *** لأرفعَ المجدَ فيكِ الحسنَ تمجيدا

أنتِ التي وصفُها دونَ المدى عَجِزَ الهوى *** وفيكِ جمالٌ فاقَ كلّ حدودا

✦✦✦

أنتِ الجمالُ، وفيكِ الحسنُ متّصلٌ *** برهان اللهُ في خَلقِهِ قد مدا (1)

أنـتِ التي فوقَ الوُصوفِ بمَنزلٍ *** فَدَتكِ جُدودٌ عزُّها الذي لا يُبيدا

معنَى الجمالِ، وكلُّ حسنٍ في الورى *** تجمَّعَ فيكِ، حُسنُ زادَ اتّقادا

✦✦✦

جمالُ ليس في زِيٍّ تُزخرفُهُ *** لكنّهُ الخَلقُ، قد زادَ الكريمُ وُدّا

كأنكِ سِرُّ حسنٍ من الحسن *** ولا يُرجى بَديلا من الرحمن غرادا

ولِيَتْ شِعري يُطيعُ مشاعري *** فأرفعُ فيكِ المجدَ جيلاً جديدا

✦✦✦

رُوميّةُ الأصلِ، أمريكيّةٌ، وَلَهَا *** من الْحَياءِ بَريقٌ يَسْلَبُ الفؤادا

مهفهفة وضاح خدها الناضر *** ووجه صبوح وعينان سودا

مهاةُ عينٍ، براق وجهها *** وفي جبينها نُورٌ يُضيءُ السجودا

✦✦✦

هجرتِ دينَ الذين الغَوا بنبيّهمُ *** وقالوا: هو الإلهُ، ضَلُّوا سُجودا

بل إنّما هو عبدٌ للرحيمِ، أتى *** بوحيِهِ، ناصحًا، بالحقِّ مَعبودا

كذبوا على الله قولًا هزّ جبالهمُ *** ولو تَفكّروا، لارتَدّوا رُشْدا قُعودا

✦✦✦

وقلتِ: حاشا إلهي أن يكون لهُ *** ولدٌ، تعالى عن الأكاذيبِ جُودا

قد ضلّ قولُهمُ، فليسَ عيسى *** ابن مريم إلّا رسولًا بالنبوّةِ مُؤيَّدا

فوحّدتِ ربَّكِ، ترجينَ الرضا أملاً *** وصارَ قلبُكِ بالإيمانِ مَسعودا

✦✦✦

فآمنتِ باللهِ العظيمِ مُوَحِّدَةً *** ورُمتِ رِضاهُ، ورُمتِ منهُ وُدّا

واخترتِ دينَ محمدٍ، وكِتابَهُ *** فجزاه رب العرش خيراً ومجدا

جاءَ يُنذِرُ بالنارِ التي اتّقدتْ *** ويُبشّرُ المُؤمنينَ بالجنة خُلودا

✦✦✦

أتيتِ لمكّةَ، ترجينَ الإلهَ مخلِصةً *** فسَعيُكِ عندَ اللهِ حَقًّا محمودا

ولبِستِ ثوبَ العِزِّ، ثوبَ كرامةٍ *** وقلتِ: ما سواهُ في الدّينِ مَردودا

فقلتُ: إيّاكِ أن تَنقضي بناءَ هُدىً *** فما بنَيتِ هنا، في الخُلدِ موجودا

✦✦✦

وقلتِ: لَيْتَ الهوى ما زارَ قلبي غيرَكِ *** فأهديكَ قلب حبَّ صدقٍ مُؤبَّدا

وما خفقت روحي لغيرك ابداً *** ولا دنا من سواك القلب مقصودا

فقلتُ: ذاكَ من المولى، وليس منّي *** هو من هداكِ، فكوني دومًا لهُ عَبْدا

✦✦✦

وقلتِ: ليتني ما أحببتُ غيرَكِ في الدُّنا *** وما ذُقتُ حبًّا مثلَ هذا مُؤبَّدَا

وليتَ فؤادي ما أحبَّ سواكُمُ *** ولا عهدَ قلبٍ كان غيركَ أبداً مَعقودا

فقلتُ: هوى لا يشبهُ الناسَ نبعُهُ *** وفيكِ وجدتُ الحُبَّ صدقًا مُجسَّدَا

أحبُّكِ إيمانًا وعقلًا وعاطفةً *** إذا ما الهوى ضلَّ السبيلَ تردّدَا

✦✦✦

فقلتِ: أرجو إلهي أن يُديمَكَ نعمةً *** وأن يجعلَ المعروفَ بينَنا مَمدودا

فقلتُ: أرادَكِ اللهُ، لا قلبي اختارَكِ وحدَهُ *** وأنت التي أريد في الخلد ودا

فسِيري على نهجِ اليقينِ بثابِتٍ *** فما دامَ فينا الحقُّ، ما خِفنا جُحودا

✦✦✦

فقلتِ: بل هوَ مِقدارٌ تَجلّى هُدايَةً *** وأنتِ للروحِ نورٌ زادَها وُدّا

سألتُ إلهي أن يُديمَكَ نعمةً *** وأن يجعلَ الإيمانَ بينَنا مُؤيَّدا

وأن يجمعَ الأرواحَ في طُهرِ مِلَّةٍ *** ويجعلَ التوحيدَ فينا له عهدا

فقلتُ: آمينَ يا نورَ اليقينِ وروحَهُ *** سنبقى على دربِ الهدى أبداً زُهدا

 ✦✦✦

فما الحبُّ إن لم يقترنْ بخشوعِهِ *** ولا العهدُ إن لم يُرتضِ اللهُ شهدا

وصِرْتِ نِعْمَ الهديةِ من إلهي لِي *** بها اطمأنّ الفؤادُ، وزادَ توحيدا

فمن كان للهِ الهُدى مُبتغاهُ *** فكلُّ الدروبِ لهُ تُضيءُ تَعَبُّدا

✦✦✦

فيا إلهي، وأنتَ العالمُ الأبدُ *** اجعلْ لنا في طريقِ الحقِّ تأييدا

وارزقْ قلوبًا إذا ما زاغَ صاحبُها *** عادتْ إليكَ تُقِرّ الذنبَ تَوْبيدا

وهِبْ لَنا من نِساءِ الأرضِ مؤمنةً *** ترجوكَ صدقًا وتبني الدينَ تمجيدا

واجعلْ ختامَ الهُدى حُسنًا ومرحمةً *** فنلقَ وجهَك في الجنّاتِ تَسْعيدا

 

1-   1-  قد أبدع

orent

أبو عبد العزيز


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق