الأربعاء، 24 سبتمبر 2025

فلتبقى يا وطنُ الكريمُ منارةً

 


فلتبقى يا وطنُ الكريمُ منارةً

إنَّ للوطن مكانةً راسخةً في القلب، يطغى حبه أحيانًا على الجانب العاطفي

إذ الأصل في الإنسان أن يحب وطنه، وهذا أمرٌ متأصِّل في النفس

فعاطفة الجسد قد تغلبها عاطفة العقل، غير أن عاطفة الروح تبقى أعمق وأصدق

لأنها ترتبط بالمكان أكثر من ارتباطها بالجسد

إنّ حبّ الوطن فطرة مغروسة في الإنسان، تسبق العقل وتغمر الجسد

وتتعمّق في الروح حتى تصبح جزءًا من كيان المرء لا ينفصل عنه

ولهذا نرى أن عاطفة الروح والعقل أقوى وأبقى من عاطفة الجسد

فهي تتعلّق بالمكان، وتحنّ إليه ولو طالت الغربة وبعدت المسافات

ولذلك خفّف الشارع الحكيم عن المسافر في عبادته، رحمةً بغربته، ومواساةً لحنينه إلى موطنه

 

وقال الحكماء:

  • الإبل تحنُّ إلى أوطانها وإن طال عهدها بها
  • والطير يعود إلى وكره وإن كان موضعه مجدبًا
  • والإنسان يشتاق إلى وطنه وإن وجد في غيره خيرًا ومنفعة

 

وقد عبّر رسول الله ﷺ عن أشرف صور الانتماء حين قال مخاطبًا مكة:

"ما أطيبكِ وأحبكِ إليَّ، ولولا أن قومكِ أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ."

 

وإذا أردت أن تعرف معدن الرجل، فانظر إلى حنينه لوطنه وارتباطه بإخوانه وأقاربه

فالإنسان يحب وطنه ولو لم يجد فيه ما يسعى إليه، وهذه فطرة أودعها الله في كل روح

ولذلك اشتاق الشعراء قديمًا وحديثًا إلى أوطانهم، وحنُّوا إلى منازل الصبا وديار الأهل

فقال الشاعر:

وتستعذب الأرض التي لا هوى بها *** ولا ماؤها عذب، ولكنها وطن

ويبقى الحنين للوطن ما دام الزمان والمكان

والحنين إلى الوطن علامة على صدق المشاعر وصفاء الفطرة

وهو ما تناقلته قلوب الشعراء قديمًا وحديثًا، حين تغنّوا بالديار ومنازل الصبا وموطن الأهل

وقد جاء هذا المعنى جليًّا في قصيدة قلتها في الوطن

وجاءت منسجمة تمامًا مع الموضوع الذي كتبتَه سابقًا عن الوطن وعنوانه:

الوطن وعاطفة الروح والجسد والعقل

وكأنها تجسيد شعري بليغ للنص النثري لتكون قطعة أدبية واحدة

فلتبقى يا وطنُ الكريمُ منارةً

يا موطني في القلب حبٌّ خالدُ *** يسمو على العقل الرزين الراشدُ

إنّي فطرتُ على هواك فلي فؤادٌ *** فيك استقرّ، وعنك لا يتبدّدُ

جسدي هنا، لكن روحي في ثراكَ *** تشدو الحنينَ، وتستريحُ وتسجدُ

كم خفّف الشرعُ الحنيفُ على غريبٍ *** أبعدته الدارُ عنك فتهدّدُ

فالطيرُ يرجعُ لوكرِه مستوحشاً *** والإبلُ تصبو للربوعِ وتَرغُدُ

والمرءُ مهما نالَ عزّاً خارجاً *** يبقى لوطنهُ الوفيِّ معلّقُ الوجدُ

والوطنُ روحُ المرءِ مهما باعدتْ *** بين الحبيبِ وبينَهُ الأيّامُ تُبعدُ

كم شاعرٍ شكا الحنينَ إلى الديارِ *** والأرضُ تُعشقُ لا لطيبٍ تُنشدُ

بل لأنها وطنُ الطفولةِ والهوى *** فيها الأمانُ وفي ثراها المَسجِدُ

فلتبقى يا وطنُ الكريمُ منارةً *** يبقى الحنينُ إليكَ ما دامَ الخلدُ

ثم يكتمل المعنى بذكر مكة المكرمة

الطهر التي ارتبطت في وجدان النبي ﷺ بحديثه الخالد

لتكون رمزًا للفطرة والحنين والانتماء:

أيا مكّةَ الطهرِ الحبيبةَ قد روى *** المصطفى عنكِ الحديثَ المخلَّدُ

قال الحبيبُ: "أنتِ أطيبُ ما أرى *** ولولا إخراجُ القومِ ما فارقتُكِ أبدُ"

 

إن القصيدة والنثر هنا يتعانقان في رسم لوحة واحدة وأن الوطن ليس مجرد مكان

بل هو روح المرء وملاذه، تبقى صورته حيّة في القلب، ما بقي الزمان والمكان

أما الوطن الأعظم الذي يشتاق إليه كل مؤمن ويسعى له، فهو الجنة

التي وسوس الشيطان لأبينا آدم حتى أُخرج منها

فيشتاق المؤمن إلى وطنه الأكبر: الجنة، الدار الأولى، والمستقر الأبدي

قال ابن القيم:

فحيَّ على جناتِ عدنٍ فإنها *** منازلُنا الأولى وفيها المخيَّمُ
ولكننا سَبيُ العدو فهل ترى *** نعودُ إلى أوطاننا ونسلمُ

 orent

ابوعبدالعزيز

مدونتي الثانية : 

https://www.blogger.com/blog/post/edit/2886228449567156975/7053289948328772242

مدونتي الأولى: 

https://khdrees.blogspot.com/2014/04/amish.html

الخميس، 21 أغسطس 2025

يا عون أضرب على الكايد

 


يا عون أضرب على الكايد

يا عونُ (1) اضربْ على الكايدِ واصمدْ *** أنت على الحق لا تخاف الملام

واحملْ لواءَ العزِّ في وجهِ الظلام *** واسند رجال الجيش فرسانَ الحسام

وامش الشرفْ دربًا ولا ترخِ حبلَه *** فالحرُّ يمضي شامخًا بالالتزامِ

والعهدُ يُحفَظُ ما بَقينا صادقينْ *** والحقُّ يسطعُ لا يُغَيَّبُ في ظلامْ

والدارُ تُحمى بالرجالِ وصَدورهمْ *** والردُّ يأتي صارمًا بحُسامِ

يبقى لبْنانُ سيِّدَ مجْدِهِ في عِزَّةٍ *** عالٍ مقامُهُ خالدًا لا يُستضامْ

✦✦✦

من قبل قالها حزبُ المقاوم لن نسلم *** والسيف في كفّنا ما ينام

ما ننكسر لو طال المدى *** والحق ما ينزوي خلف الغمام

ونرمي على الغاصب رصاص الحسام *** ونبعدُ عنهُ الكيدَ جمعُ لئامْ

ما نرخي الراية ولو طال النزاع *** والموت في درب الكرامة وسام

من باعنا بالمال ما ننسى الخصام *** ونرد له الطعن مع برق الغمام

✦✦✦

قد قالها العوني (2) على وقت الإمام *** أضرب على الكايد ولا تسمع كلام

ونكرم ليا جانا الشريف من الكرام *** ونرد من هو جاي للحرب بسهام

وأشرب من الصافي وامشي للأمام *** وأرفع علم بلادي على عالي السنام

وأنا على العادات من يوم الفطام *** ما أبدّل المبدال لو كلّ الملام

ومن طاح من ربعي نهبّ بالقيام *** ونثأر له بفعولٍ تشيب الغلام

✦✦✦

واخذ الحق بيميني وصدري للسهام *** والعز ما ينهان لو طال الخصام

واللي يجي بالطيب نكرمه بالسلام *** واللي يعادي ما نثنّي له زمام (3)

نمشي دروب الشرف ما نرخي الزمام *** ونحمي حدود الوطن من كل اللئام

ورث الجدود له معزة واحترام *** والعز في صدر الرجال أهل المقام

نطعن على الكايد ونرد الخصام *** والسيف في يمناي ما يهوى الملام

✦✦✦

ما نرخي العزّة ولو طال الظلام *** والحق في درب الكرامة أمام

نثبت على العهد وما نهتز يوم *** ونصدّ كل اللي يبي فينا الخصام

 والدار تبقى في قلوب الرجال *** ما نخونها لو صارت الدنيا حطام

 والموت في درب الشرف عز وفخر *** ونفتخر به قدّام كل الأنام

 ونختم القول بدعوة للوفا *** اللّٰه يحفظ دارنا من كل الئام

 

1-     فخامة الرئيس اللبناني ميشل عون

2-     محمد العوني شاعر قصيدة اضرب على الكايد ولا تسمع كلام *** العز بالقلطات والراي السديد

3-     ما نثني له زمام: أي لا نمهله أو لا نتركه يفعل ما يشاء

orent

ابوعبدالعزيز


الأربعاء، 13 أغسطس 2025

نور الهدى

 


يا سائلي عن خيرِ خلقِ اللهِ مُجتبًى *** جاءَ الحياةَ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا

في سؤلكم عن رسول اللهِ الهاديَ *** جاءتْ هُداهُ لنا سبيلًا مستنيرا

هو رحمةٌ عمّتْ جميعَ بريّتِه *** فمحا الظلامَ وأشرقَ التنويرا

فالمصطفى بدرُ الدجى وضياؤُهُ *** أهدى البريّةَ رحمةً ونُورَا

بدرُ الهدى والشمسُ في إشراقِها *** هُدِيَتْ به الأرواحُ عزًّا ونُصْرَا

✦✦✦

وُلِدَ الهُدى فأنارَ ظَلامَ الأرضِ نُورَا *** وأشرقتْ أرجاؤُها بشرًا وسُرُورَا

فمضت كغيثٍ يُغدِقُ الأرضَ القفارَ ندىً *** حتى سقتْ كلَّ البقاعِ دهورَا

رَحِمَ الإلهُ بكَ الأنامَ وقدْ غَرِقُوا *** في الذُّلِّ والخمرِ والأنصابِ والفُجُورَا

يكفيكَ أنَّ الوحيَ صِيغَ على لسانِكَ نورًا *** ففاضَ بالإشراقِ في الأرواحِ نُضُورَا

هُدِيَتْ به الأرواحُ من تيهِ الضّلالِ سَنا *** فاستنشقَتْ منهُ رياحَ المجدِ عَطُورَا

✦✦✦

بشّرتْكَ الرُّسلُ الكرامُ قبيلَ مَقدِمِكَ *** في كُتبِ التوراةِ والإنجيلِ والزَّبُورَا

فاستبشرَ الإنسُ الجموعُ معَ الجِنِّ بها *** فالحمدُ للهِ إذْ سِرْنا بكَ ضياءً نُورَا

يمشي على الدنيا ضياءٌ في ملامحه *** ووحيُ ربك في خُطاهُ مستنيرَا

وتمنّى من مضَوا لو عاشوا زمانكَ *** في ضياءِ هديكَ ما بقي الزمانَ دُهورَا

وسَرتْ بذكركَ في الآفاقِ أمّتُنا *** حتى غدتْ بينَ الورى بدرًا ومنارَا

✦✦✦

سَلْ مكةَ الغرَّاءَ عن نورٍ بها سَكَنَ *** أهدى المدى وَهْجًا وأشرقَ فيهِ نضارا

هو أحمدٌ والحرفُ إن ناداهُ مُنعقِدٌ *** يصحو إذا ذُكِرَ الحبيبُ ويستثارا (1)

قد كانَ نوراً في القلوبِ ومشرقًا *** يمحو الدجى حتّى غدا للمسلمينَ منارا

يُهدي القلوبَ إذا تغشّاها الأسى *** نورَ اليقينِ ويزرعُ الإصباحَ نوارا

والحبُّ في ذاتِ النبيِّ عبادةٌ *** تسمو بها الأرواحُ شوقًا وازدهارا

✦✦✦

يا ربِّ بالهادي العظيمِ امنحْ لنا *** دربَ الهُدى واملأْ قلوبَ الناسِ نُورَا

واجعلْ لنا ذِكرَ الحبيبِ شفاءَنا *** نَسري بهِ في الدربِ نكسرُ كلَّ جُورَا

ومسكُ الختامِ إذا أتى ذكْرُ الحبيبِ *** عَمَّ الورى نورًا وأزْهَرَ في الديارا

صلّى عليه اللهُ ما ناحتْ على وَطَنٍ *** حمائمُ الأيكِ تُسْبِحُ في الدُّجى سُحُورَا

والصحبُ الكرامُ ساروا على سُننٍ *** حملوا الضيا ومضَوا بالنورِ جهرًا

 

1-    هذا البيت يصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقولي: "هو أحمد والحرف إن ناداه منعقد *** يصحو إذا ذكر الحبيب ويستثارا". المعنى العام للبيت هو أن اسم "أحمد" وهو اسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، له تأثير قوي وعظيم، حتى أن الحرف عند ذكره ينعقد ويصبح ذا معنى وقوة، وإذا ذكر اسم الحبيب (النبي صلى الله عليه وسلم) فإن كل شيء يصحو وينتبه ويثور ويهتزيصف البيت مدى تأثير النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته في قلوب المؤمنين

orent

أبو عبد العزيز


مدونتي الثانية:

https://www.blogger.com/blog/posts/2886228449567156975

مدونتي الأولى:

http://khdrees.blogspot.com/2014/04/blog-post_16.html


السبت، 2 أغسطس 2025

أنا عبدك

 


أنا عبدك

أحبُّك وما وفيتُك أنا حقَّ قدركْ *** وأنا، والله، من حبّك أحبّ اللّي يحبّكْ

أحبُّكْ حبَّ ما يُحدُّ منتهاهُ حدود *** ولو أكتب فيك دهري، ما كفى حرفي وصفكْ

أحبّك عدَّ ما هلت مزون وسحاب *** ولو أسجد لك طول سنيني قليل بحقك

أحبّك عدّ ما في الكون من أجيال *** عظيم الملك، كلّ الخلق ترجاك وتسجد لك

✦✦✦

إلهي يا كريمٍ ما ينوصف لك مقام *** ولو أجهدت عمري، ما كفّيت حقّك وقدرك

وحبّكْ يسمو عن الأوصاف والأقوالْ *** تسامى عن جميع الخلقِ، يسمو سمو قدركْ

وما أغلى غلاكْ إن قلتُ: يا إلهي إنّي أحبّكْ *** وما ذكرتُ اسمَكْ إلّا وانكتب حبُّكْ

مكانك فوق ما يُوصفْ، ولا له مثالْ *** ولا بعدكْ، ولا قبلك، أحدٌ يضاهي قدر حبّكْ

✦✦✦

لَكْ مَنْزِلٌ في القَلْبِ ما سَكَنَهُ سواك *** وَلا مَخْلُوقٍ يَبَلِّغُ مَقَامَكَ سبحانك

حبّي كبير بلا حدٍّ يا عظيمُ الملكِ *** والشكر يقصر عن وصف لمعانيك

يا كريم العطا، فضلك دوم زايد *** وسترَك يلبسني، وأنا المقصّر بشكرك

عطيتني من فضلك ما يِعطيه إلا إياك *** وأغنيت قلبي عن خلقك بعطاكْ

✦✦✦

تاهت بي سنيني، ويوم جيتكْ بذنبي وأنت للذنب غفّارْ *** طمعتُ في عفوك، فامنن عليّ من فضلكْ

غرتني دنياي، عن دربِك وندِمْتُ وقلبي قد تاها *** رَجعتُ بطَمَعِ غُفْرانِكْ وطِبْتُ بدمعي في قُربِكْ

وَألْهَتْني أيامي، ويوم رديتُ لقيتُ العزَّ عند بابكْ *** عرفتُ إن العزّه والرفعة ما غيرَكْ كفى حقّكْ

يغشاني ذنبي، ورجواي التفت لي بعطفكْ *** فأنا عبدك يطارد فؤادي رضاك، ويرجو كرم عفوكْ
 ✦✦✦

دنوتُ من دربك أبتغي وِدًّا وعفوًا منكْ *** وما خابَ الذي في الخطوِ مدّ خطاه نحوكْ

جيتك بخطوةٍ، وقلبي ما تمنّى غير رضاكْ *** طلبتك تمسح ذنوبي، بدمعةٍ ما بكت سواكْ

لقيتُ العزَّ عندك، وأن العفوَ لا يَفنى دعاكْ *** وإن الزّلل يُمحى إذا نادى العبد باسمكْ

علمت أن العفو لك، والغفر دايم عطاكْ *** رجعت وقلت يا ربي، ما لي ملجأ إلا حماكْ

✦✦✦

عرفت أنك ملاذي، وإن دمعي ما بكى إلاّ إِياكْ *** ولا طمعتُ بغيرك، ولا خفقَ قلبي لسواك

علمتُ بأنَّ المجَّدَ عِندَكْ، والعفوَ لا يَفنى نَداكْ *** فناديتُ: يا ربِّي، لا مَلاذَ لي سوى رِضاكْ

وجدت العز عندك، يوم جيتك راجيًا رضاكْ *** عرفت أن الرفعة لك، وكل الخير في يمناكْ

أنا خجلانُ من نفسي ومن إثمي *** وذنبـي ساكنٌ صدري، وخوفي منه يفضحني أمامكْ (1)

✦✦✦

تعبت من ذنوبي، ولكنّي ما قطّعت حبلكْ *** أنا اللي يعاند خطاه ويلتجي بك وحدكْ

ذنوبي من تقصيري، وظنّي فيك ما يومٍ خابْ *** ولا طمعتُ بغيرك، ولا عشمي عداكْ

توسّدتْ عفوك، وخليت البشر في ظهريْ *** ولا لي رجاءٍ بعُمْري غير جنّتك وقربكْ

ترفّق بي يا كريم ولا تردّني عنْ برّكْ *** أنا عبدك اللي ما عرف غير دروبك وأمركْ

وما ضاقَ عفوك عن عاصٍ رجعَ لك واشتكى إليكْ *** كريمٌ ما خذل عبدًا رفعَ لك كفّه وناجاكْ
✦✦✦

أنا قلبٌ على دربِ الهُدى مشفوقْ *** ولم يضق بي منك عفوٌ وغفرانٌ يودّيني لمغفرتكْ

أتيتُكَ يا كريمَ الفضلِ، والآمالُ في جودِكْ *** وقلبي المكسورُ عادَ، والشوقُ أحيـاهُ حبّكْ

رجعتُ معتذرًا، بدمعي والرجا فيكْ *** وعندي الامل برحمتِك، وبعفوٍ يفيضُ بفضلِكْ

جيتك تائبًا أرجو الصفح ورضاكَ وسِترَكْ *** فلا شيء يعدلُ بالنفسِ إلا رجاكَ وقُربَكْ

عطاياك يا كريم ما تنقص ولا يِنسدّ بابكْ *** أنا المقصّر، وجيتك تايبٍ أطلب عفوكْ

✦✦✦

حنيني إليك نابعٌ من طيبِ خَصالي *** ويدعو كل قلبٍ يحبّكْ ويغلاك

جيتك يا ربي وقلبي يلهج بذكْركْ *** ولا لي رجَا فهازمن غيرْ عفوكْ وسِترَكْ

رجاي بك، وإحساسي مليان آمالْ *** ولا غيرك كريم، يا ربي، أشملني عطفكْ

وصالُك لا يَبْرُدْ، ولا تغيِّرْهُ الأيّامْ *** ومن روحي أضمُّ قلوبًا ترجُو قُرْبَكْ

سترْتَني يا ربي برحمتك وعطفكْ *** أغفر زلّتي يا واسعَ الفضلِ بجودكْ

✦✦✦

عبدتُك وسار قلبي في هدى دربكْ *** فالملكُ لك وحدك، وأنا عبدٌ لكْ

وجدتُ عزّي في رضاك وفي قُربِكْ *** فالعزُّ في كنفِك والذلُّ في تركِكْ

أنا عبدك اللي ما يبدّل غلاكْ *** لك الشعور وكل نبض القلب يخفق لك

صفاةُ الكمالٍ والجلالُ منكَ وفيكَ *** أغفر لعبدٍ ضعيفٍ جاَك يدعيكَ

✦✦✦

من أوّل عمري للحين، وانا دوم أرجيكْ *** دعيتك بدمعٍ خاشعٍ، والحمد لكْ

وحمدي على ما فاض من جودك وأنا أناجيكْ *** كريمٍ ما خذل عبدٍ رفع كفّه ودعاكْ

رجيتك يا عظيمَ العفو، سامحني بصفحكْ *** ولا يحلى العمر لحظة، بغيـر رضاكْ

رجيتك يا كريم الجود، تجبرني برحمتكْ *** ترى ما لي سنا بالعمر، غيرك وهُداكْ

✦✦✦

رجوتك يا عظيم الجود، فامنحني عظيم رضاكْ *** فقلبي ما وجد مأواه إلا في رجا عفوكْ

رجوتك يا إلهي، فاغفر الزلّات من عبدكْ *** فما لي غير جودك يا كريمَ الوجهِ في رجواكْ

أنا قلبي على درب الهدى دومًا يرجّاكْ *** وما ضاق الرجاءُ به، ولا نادى سوا رضاكْ

رجوتك يا ملاذ القلب، فاغفر لي ذنوبي *** وكن سترًا لمن يرجو رضاك ويبتغي غفرانكْ

✦✦✦

يا الله يا والي الممالك والأفلاك *** اجعل ختامي بالشهادة على دينك

عبدك بين رجواك والإدراك *** رحماك تكفيني ترى مالي أنا سواك

اجعل غِناي بفضلك يا واسع الارزاق *** ولا تجعل حاجه تذلّني لغيرك

واجعل الأيامَ تزهو بالخواتيمِ *** وخلّ الخواتيم الزكيّة من عطاك

✦✦✦

دعوتُك بدعاءٍ صادقٍ من حرّ الانفاس *** وأرتجي رحماك، فلا تغلق دوني بابكْ

ندمتُ على سنيني، والرجا بفضلكْ *** باقي لي أيّامٌ أو ساعاتٌ، وسرّه في كتابكْ

لا تجعل ختامي في ضياعي عن ذكركْ *** ولا أنسى لك سجودي، وطاعتك، وكتابكْ

ختامًا سجدةٌ علّها ترضيك عني *** تعتقني من نيرانِك، وتسكب في دمي هُداكْ

 

1-      تعني هذه العبارة: قد كنت أدافع عنكما، فقالوا: أنطقنا الله قال تعالى: (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) 

orent

ابوعبد العزيز